أخبار عاجلة

العراق يتطلع إلى استيراد الغاز الأذربيجاني.. أول الطريق للاستغناء عن إيران (مقال)

العراق يتطلع إلى استيراد الغاز الأذربيجاني.. أول الطريق للاستغناء عن إيران (مقال)
العراق يتطلع إلى استيراد الغاز الأذربيجاني.. أول الطريق للاستغناء عن إيران (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • • شركات أذربيجانية أبدت اهتمامًا بالاستثمار في البنية التحتية للطاقة العراقية
  • • استهلاك العراق السنوي من الغاز يتجاوز 20 مليار متر مكعب
  • • الولايات المتحدة زادت الضغوط على تجارة الطاقة بين العراق وإيران في مارس/آذار 2025
  • • اعتماد العراق على الغاز الإيراني ما يزال يُمثّل مشكلةً كبيرة

يتطلع العراق إلى استيراد الغاز الأذربيجاني، إذ يعمل جاهدًا على وضع خطة أكثر شمولًا لتقليل اعتماده على إمدادات الغاز الإيرانية وتنويع مصادر الطاقة.

وقد ركّزت مناقشات رفيعة المستوى بين المسؤولين في بغداد وباكو في السنوات الأخيرة على زيادة التعاون بقطاع الطاقة، لا سيما فيما يتعلق بواردات الغاز الطبيعي وإمكانات الاستثمار.

وقد أبدت شركات بيع الغاز الأذربيجاني، مثل شركة النفط والغاز سوكار (SOCAR)، اهتمامًا بالاستثمار في البنية التحتية للطاقة العراقية، وفقًا للسلطات العراقية.

وتشمل أهداف بغداد طويلة المدى تعزيز العلاقات الدولية، وتقليل تأثرها بالعقوبات الأميركية، وتأمين إمدادات كهربائية أكثر موثوقية.

الغاز الأذربيجاني إلى العراق

حتى مايو/أيار 2025، لا يوجد دليل مؤكد على تصدير الغاز الأذربيجاني إلى العراق مباشرةً، على الرغم من مذكرة التفاهم الموقّعة عام 2015 والاتصالات الدبلوماسية الجارية.

وما تزال أذربيجان شريكًا مرغوبًا فيه إستراتيجيًا، ولكنه غير مستغل حاليًا، في حين يبدو أن مبادرات التنويع الاقتصادي المباشرة في العراق تُعطي الأولوية لمورّدين مثل قطر وتركمانستان وعُمان.

ونظرًا لعدم وجود خط أنابيب مباشر بين أذربيجان والعراق، درس البلَدان ترتيبات تبادل الغاز التي تشمل إيران.

وبموجب هذه الخطة، ستُوصل باكو الغاز الأذربيجاني إلى شمال إيران، الذي سيُزوّد العراق بدوره بكمية مكافئة عبر شبكة الغاز الجنوبية.

حقل الغاز الأذربيجاني شاه دنيز
حقل الغاز الأذربيجاني شاه دنيز- الصورة من روغتك ماغازين

وتستفيد هذه الإستراتيجية من البنية التحتية الإيرانية القائمة لتمكين نقل الطاقة، دون الحاجة إلى خطوط أنابيب جديدة.

ويشبه هذا النموذج إلى حدّ كبير اتفاقية تبادل الغاز التي أبرمها العراق مؤخرًا لمدة 5 سنوات مع تركمانستان عبر إيران، ما يُبرز اعتماد بغداد الأوسع على أُطر مرنة ومتعددة الأطراف لتعزيز أمنها الطاقي.

رغم ذلك، تتعقّد هذه المبادرات بسبب العقوبات الأميركية المستمرة على إيران، التي تعوق المعاملات المالية، وتزيد من إلحاح العراق على تقليل اعتماده على الطاقة الإيرانية.

من جهة ثانية، لا تكفي اتفاقيات الإنتاج والاستيراد المحلية الحالية في العراق لتلبية استهلاك البلاد السنوي من الغاز، الذي يتجاوز 20 مليار متر مكعب.

وقد استجاب العراق بإطلاق مشروعات مهمة لتطوير الطاقة، مثل صفقة بقيمة 27 مليار دولار مع شركة توتال إنرجي (TotalEnergies)، لزيادة القدرة الإنتاجية للغاز والنفط والطاقة المتجددة.

في غضون ذلك، تتطلع أذربيجان -التي تمتلك احتياطيات مؤكدة من الغاز الطبيعي تُقدَّر بنحو 2.6 تريليون متر مكعب، ومن المتوقع أن تنتج 44 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2023- إلى دخول أسواق خارج أوروبا.

ورغم أن بُنيتها التحتية التصديرية -خصوصًا ممر الغاز الجنوبي- ما تزال تركّز على أوروبا وتركيا، فقد أعربت أذربيجان عن استعدادها لتعزيز التعاون مع دول الشرق الأوسط، مثل العراق.

ويُمثّل التفاعل السريع تحديًا بسبب التحديات اللوجستية ونقص الاتصالات المباشرة.

السياق التاريخي وإطار التعاون في مجال الطاقة

منذ إعلان المسؤولين خططًا لتنويع واردات الغاز من خلال التعاون مع دول مثل أذربيجان وقطر وتركيا والجزائر في عام 2021، أبدى العراق اهتمامه بالحصول على الغاز من أذربيجان.

وجاء هذا التوجه بعد انقطاعات متكررة في الإمدادات الإيرانية، ما أدى إلى انقطاعات كبيرة في الكهرباء، بما في ذلك نقص بتوليد الكهرباء بلغ 2500 ميغاواط، نتيجة انخفاض إمدادات الغاز.

من ناحيتهم، أكد مسؤولو وزارة الكهرباء نيّة العراق الحياد، حيث أعطوا الأولوية للتوافق الفني والأسعار التنافسية على الانتماء السياسي.

وعلى الرغم من أنها لم تتناول تجارة الغاز الطبيعي تحديدًا، فإن مذكرة التفاهم لعام 2015 بين وزارة الطاقة الأذربيجانية ووزارة النفط العراقية مهّدت الطريق لتعاون أوسع نطاقًا في مجال الطاقة.

محطة بسماية الكهربائية العاملة بنظام الدورة المركبة في العاصمة العراقية بغداد
محطة بسماية الكهربائية العاملة بنظام الدورة المركبة في العاصمة العراقية بغداد – الصورة من باور تكنولوجي

التطورات الأخيرة والمواءمة الإستراتيجية

أعلن العراق تعهُّده العلني في أوائل عام 2025 بوقف استيراد الغاز من إيران بحلول عام 2028، مشيرًا للحاجة إلى زيادة إنتاج الطاقة المحلي وانقطاعات الإمدادات المتكررة.

وأوضح رئيس الوزراء العراقي، محمد السوداني، أن القرار اتُخذ بهدف زيادة الاكتفاء الذاتي وتعزيز واردات الكهرباء من دول الخليج المجاورة مثل المملكة العربية السعودية والأردن، وليس لأسباب سياسية.

وعملت بغداد على التوصل إلى اتفاقيات مع تركمانستان وعُمان وقطر، والجدير بالذكر أن المسؤولين العراقيين كثّفوا المفاوضات مع هؤلاء المورّدين البدلاء -على الرغم من عدم ذكر أذربيجان تحديدًا-، بعد أن زادت الولايات المتحدة الضغط على تجارة الطاقة بين العراق وإيران في مارس/آذار 2025.

في عام 2023، تمّ التوصل إلى اتفاق أولي مع تركمانستان، ومن المتوقع التوصل إلى اتفاق كامل بحلول نهاية العام نفسه.

وفي إطار خطة بغداد للتنويع الاقتصادي، أصبحت قطر وعُمان موردين مهمين، نظرًا لقربهما الجغرافي وشبكات التصدير الراسخة.

وقد تكون التحديات اللوجستية الناجمة عن عدم وجود خط أنابيب مباشر، والتزامات أذربيجان الراسخة تجاه الأسواق الأوروبية، هي السبب وراء استبعادها من هذه المحادثات.

وما يزال للعراق مصلحة إستراتيجية في الغاز الأذربيجاني، لكن أهدافه على المدى القصير تتمثل في العمل مع مورّدين يواجهون عقبات جيوسياسية وبُنية تحتية أقل.

التحديات الجيوسياسية وفجوات البنية التحتية

ما يزال اعتماد العراق على الغاز الإيراني، الذي وفّر تاريخيًا ما بين 30% و40% من احتياجاته من الكهرباء، يُمثّل مشكلةً كبيرة، لا سيما في فصل الصيف، عندما تشتد احتياجات البلاد من الكهرباء بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

وقد عاقت العقوبات الأميركية المفروضة على إيران تدفقات الطاقة الموثوقة والعمليات المصرفية.

لذلك، قد تُقدّم أذربيجان بديلًا، لكن هيكل صادراتها الحالي يُركّز على أوروبا، وأيّ تحويل للمسار نحو العراق سيتطلب اتفاقيات مُعقّدة، مثل اتفاقيات العبور عبر إيران أو تركيا.

وتتفاقم هذه الصعوبات بفعل عوامل إقليمية عامة.

ووفقًا لمنشورات وكالة الطاقة الدولية الأخيرة، تُركّز إستراتيجية أذربيجان في مجال الطاقة بشكل أكبر على تطوير المصادر المتجددة وتعزيز مكانتها موردًا موثوقًا لأوروبا.

ونتيجة لذلك، ستتردّد باكو في بناء بُنية تحتية إضافية، أو تحويل كميات الغاز، ما لم تكن هناك حوافز جيوسياسية أو تجارية مُقنعة.

من ناحية ثانية، تتعرقل قدرة العراق على جذب استثمارات دولية كبيرة والحفاظ عليها في خطوط الأنابيب أو مرافق معالجة الغاز بسبب قيوده المالية وهيكله الإداري المُفكك.

حقل السيبة الغازي في العراق
حقل السيبة الغازي في العراق – الصورة من رويترز

التوقعات: شروط التعاون المستقبلي

يشير الاهتمام التاريخي للعراق ومذكرة التفاهم لعام 2015 إلى أن التعاون الثنائي ما يزال ممكنًا، على الرغم من عدم وجود واردات مؤكدة من الغاز الأذربيجاني حتى مايو/أيار 2025.

وفي حال تأمين طرق النقل وحل مشكلات البنية التحتية، فإن احتياطيات أذربيجان الكبيرة وخبرتها في التصدير قد تجعلها موردًا موثوقًا به.

ورغم أنهما ستكونان عرضة للمخاطر الجيوسياسية نفسها التي تُهدد اعتماد العراق حاليًا على الغاز الإيراني، فإن اتفاقيات المبادلة التي تشمل إيران أو تركيا قد تُوفر حلولًا مؤقتة.

ومن المرجّح أن يتطلب التعاون طويل الأمد إنفاقًا كبيرًا على مرافق التخزين، وإجراءات تعاقدية للحدّ من المخاطر السياسية، وربط البنية التحتية.

وعلى الرغم من أن أذربيجان لم تُصبح بعد بطليعة مبادرات تنويع مصادر الطاقة في العراق، فإن أهمية باكو قد تزداد نظرًا للبيئة الجيوسياسية المتغيرة، التي تشمل تطوير خطوط الأنابيب الإقليمية أو تعديلات في السياسة الأميركية الإيرانية.

وما تزال أذربيجان تمثّل شريكا إستراتيجيًا محتملًا، وقد يتعزز موقفها إذا ما توافرت الظروف المواتية، حيث يواصل العراق العمل مع العديد من المورّدين لتجنُّب الاعتماد المفرط على أيٍّ منهم.

الخلاصة

يتماشى اهتمام العراق بالغاز الأذربيجاني مع إستراتيجيته الأوسع لتنويع مصادر الطاقة، والحدّ من المخاطر المرتبطة بانقطاعات إمدادات الغاز الإيراني، وتعزيز أمنه الطاقي على المدى الطويل.

وعلى الرغم من أن العلاقات الدبلوماسية والاتفاقيات التمهيدية السابقة تُشكل أساسًا للتعاون، لم تُبرم أيّ اتفاقية لواردات غاز مباشرة من أذربيجان حتى مايو/أيار 2025.

على المدى القريب، يُعطي العراق الأولوية لتعزيز الإنتاج المحلي، ويسعى إلى خيارات توريد أكثر سهولة من تركمانستان وقطر وعُمان، وهي دول تتمتع بعلاقات تجارية راسخة وعقبات بنية تحتية أقل.

وفي الوقت نفسه، فإن قدرة أذربيجان في مجال الطاقة وتطلعاتها الإستراتيجية تجعلها شريكًا مستقبليًا قابلًا للاستمرار، بافتراض تحسُّن التوافق السياسي وتطوير البنية التحتية.

على صعيد آخر، تَحُدّ العوائق الحالية -مثل عدم وجود اتصال مباشر عبر خطوط الأنابيب، والتزامات أذربيجان الحالية تجاه أوروبا، والتحديات الجيوسياسية الأوسع- من التعاون الفوري.

ورغم ذلك، ما يزال الأساس المنطقي لشراكة طاقة مستقبلية بين العراق وأذربيجان مُقنعًا، لا سيما أن العراق يهدف إلى تقليل مخاطر محفظة الطاقة لديه، بينما تسعى أذربيجان إلى تنويع وجهات تصديرها.

وبفضل الآليات المناسبة والتنسيق الإقليمي، يمكن للدولتين بناء علاقة أكثر قوة وتنوعًا في مجال الطاقة.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق نشر صور نائب مختف وهو مقيد بالسلاسل يربك مجلس النواب الليبي
التالى أذان بصوت أنثوي بمسجد تاريخي يثير الصدمة في مصر