أخبار عاجلة

استثمارات فرنسا في الصحراء المغربية .. إشارات قوية ودلالات استراتيجية

استثمارات فرنسا في الصحراء المغربية .. إشارات قوية ودلالات استراتيجية
استثمارات فرنسا في الصحراء المغربية .. إشارات قوية ودلالات استراتيجية

أكثر من إشارة قوية ودالّة أرسلتها زيارة المدير العام التنفيذي لمجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، معلناً من قلب مقر ولاية العيون وزيارته إلى مينائها والمعهد الإفريقي للأبحاث في الفلاحة المستدامة عن رقم معتزَمٍ للاستثمارات الفرنسية المباشرة في عدد من القطاعات بتمويلات ضخمة تصل إلى 150 مليون يورو.

وأفاد ريمي ريو، خلال زيارته نهاية الأسبوع الماضي إلى الصحراء المغربية، بأن “مجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية ستشرع في الاستثمار بالأقاليم الجنوبية وستخصص استثمارات وتمويلات لهذا الغرض”، كاشفاً أيضًا، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هناك توجها لإطلاق تمويلات بشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، من أجل “دعم مشاريع إزالة الكربون من سلسلة الفوسفاط، وتوسيع هذه المشاريع لتشمل الأقاليم الجنوبية”.

وثمّن عدد من المحللين السياسيين والاقتصاديين، على السواء، الدينامية الفرنسية غير الفاترة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وذلك بعد تعاقُب زيارات مسؤولين فرنسيين للقاء نظرائهم المغاربة في كبرى حواضر الصحراء المغربية، معتبرين أنها تبعث بإشارات قوية إلى قوة ومتانة النموذج التنموي المغربي في تلك الأقاليم تحت السيادة المغربية، المدعوم بإجماع دولي متنامٍ حول واقعية وجدية مقترح مبادرة الحكم الذاتي.

إشارة وثقة

لحسن حداد، الخبير في الدراسات الإستراتيجية وشؤون المال والأعمال، قال “إن الزيارة الأخيرة التي قام بها المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية إلى الصحراء المغربية، التي رافقها الإعلان عن استثمار بقيمة 150 مليون يورو، هي إشارة قوية لصالح التنمية والازدهار في هذه المنطقة”.

وتشهد هذه البادرة، حسب حداد ضمن تغريدة له على صفحته بموقع “إكس” (تويتر سابقا)، على “ثقة المجتمع الدولي، ولاسيما الشركاء الإستراتيجيين مثل فرنسا، في النموذج المغربي للتنمية الشاملة؛ وهو نموذج قائم على النمو الاقتصادي والحرية والمشاركة الديمقراطية والتكامل الإقليمي، لاسيما مع المحيط الأطلسي والساحل وغرب إفريقيا”.

وأضاف الخبير المغربي، الذي يشغل عضوية مجلس مستشارِي المجلة الأمريكية ‘Harvard Business Review’ المتخصصة في عالم الأعمال، قارئاً دلالات الإعلان الفرنسي الرسمي عن استثمارات تنموية واعدة في مشاريع طموحة، أن “هذه الديناميكية تتناقض مع نموذج تندوف، حيث يتم إبقاء الصحراويين في فقر وعزلة وقمع من قِبل ميليشيات البوليساريو، بدعم من الجزائر وبعض عناصر اليسار الراديكالي الأوروبي”.

وخلص المتحدث ذاته إلى أنه “على النقيض من رؤية البؤس واليأس هذه فإن المغرب، وبدعم من حلفائه، لاسيما الولايات المتحدة والدول العربية والإفريقية والأمريكية اللاتينية وإسبانيا والدول الأوروبية، يُروّج لمستقبل واعد من الازدهار والاستقرار والحرية لساكنة الصحراء”، مبرزا أنه “في حين أنّ النموذج الجزائري المبني على دعم واحتضان البوليساريو يولد الإحباط والتطرف فإن النموذج المغربي يوفر أفقاً للتقدم والأمل”، بتعبيره.

دلالات إستراتيجية

يرى محمد عطيف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، أن “رغبة الوكالة الفرنسية للتنمية في استثمار 150 مليون يورو بالصحراء المغربية خطوةٌ ميدانية تحمل دلالات سياسية واقتصادية إستراتيجية، تؤشر على تحول نوعي في موقف فرنسا تجاه الأقاليم الجنوبية للمملكة”.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية قرأ عطيف ما جاء على لسان المدير العام لـ “AFD”، ريمي ريو، خلال زيارته الرسمية إلى العيون، التي أكد من خلالها أن المؤسسة ستشرع في تمويل مشاريع تنموية في هذه الأقاليم، بأن “ذلك ما يدلّ على اعتراف فعلي بالسيادة المغربية على أقاليم الصحراء تحت الوحدة الترابية المغربية، وإن لم يُعلن بصيغة دبلوماسية مباشرة”.

ولهذا أضاف المتحدث ضمن تصريحه للجريدة أن هذا التوجه “عاكسٌ لدورٍ متزايد بين باريس والرباط بعد سنوات من الفتور والتردد في المواقف، ويترجم إرادة قوية من باريس في إعادة بناء الثقة السياسية مع الرباط، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية”.

وزاد المحلل نفسه شارحا أن “دخول مؤسسة مالية عمومية فرنسية إلى الاستثمار في الصحراء المغربية يعكس وعيا متزايداً بأهمية الأقاليم الجنوبية كمجال واعد للتنمية المستقبلية”، مردفا: “المغرب يراهن على هذه المناطق لتكون محركا للانتقال الطاقي، عبر استغلال إمكاناتها الطبيعية في إنتاج الطاقة الشمسية والريحية، وتطوير مشاريع الاقتصاد الأخضر الموجهة نحو تقليص الانبعاثات الكربونية الملوّثة وتحقيق الأمن الطاقي الإقليمي وبيْن–القاري”.

كما توقف عطيف عند معطى دال يتمثل في أن “الاستثمارات الفرنسية المنتظَرة لا تقتصر على البنية التحتية، بل تشمل أيضا مشاريع إستراتيجية طويلة الأمد تجعل من الصحراء المغربية مركزا إقليميا للتكامل الاقتصادي جنوب-جنوب، وقاعدة لانطلاق الشراكات الثلاثية مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء”، مستحضرا “إسهام ذلك في تعزيز موقع فرنسا داخل الدينامية الجديدة التي يقودها المغرب انطلاقا من أقاليمه الجنوبية؛ ما يجعل من هذا الاستثمار مؤشرا على إعادة تموقع باريس في علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الرباط”.

جدير بالذكر أن هذا الإعلان الفرنسي جاء عقب المحادثات التي عقدها ريو، أمس السبت بمدينة العيون، مع كل من عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، وسيدي حمدي ولد الرشيد، رئيس مجلس جهة العيون، ومولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس جماعة العيون، وأعرب خلالها عن خالص شكره وامتنانه العميقين للاستقبال الذي حظي به هو والوفد المرافق له من لدن السلطات المحلية والمنتخبة، مبرزا أهمية هذه اللقاءات في تعميق التواصل وتعزيز الثقة بين فرنسا والمغرب على المستوى الإقليمي.

وأوضح المسؤول الفرنسي ذاته أنه جاء إلى الأقاليم الجنوبية “للاستماع إلى الشباب والسلطات والمنتخبين لتحديد سبل التدخل الفعّالة التي يمكن أن تقدمها الوكالة الفرنسية للتنمية عبر التمويل والخبرة”، مشيرا إلى أن “الهدف هو استثمار الطاقات وتحويل البنيات التحتية القائمة إلى فرص شغل ملموسة تستجيب لتطلعات الساكنة، خاصة فئة الشباب”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تجربة سفر لن تنساها.. جدول PDF مواعيد قطارات تالجو القاهرة الإسكندرية أسوان وأسعار التذاكر
التالى البنك الدولي يدعم توسيع منظومة صحة الأم والطفل في البادية المغربية