خفّضت وزارة النقل الإسبانية تكاليف مخصصاتها لدراسات جدوى مشروع الربط القاري بين أوروبا وإفريقيا، في إطار مشروع النفق البحري تحت مضيق جبل طارق، من 2,4 ملايين يورو إلى 1,6 ملايين يورو، “بعد تعديل بعض المهام المخطط لها”، وفقا لما أفادت به تقارير وسائل إعلام إسبانية.
وذكرت وسائل إعلام إسبانية أن “وزارة النقل الإسبانية، بقيادة المسؤول الحكومي أوسكار بوينتي، قد خفضت كلفة الميزانية الأولية من 2.4 ملايين يورو إلى المبلغ سالف الذكر بغرض “دراسة جديدة” للنفق البحري تحت مضيق جبل طارق والذي ينتظَر أن يجعل من الجزيرة الخضراء أو “طريفة” بوابة إلى المغرب.
ونقلت وسائل الإعلام ذاتها، حسب ما طالعته جريدة هسبريس، قيام “الحكومة الإسبانية بتخفيض الميزانية الأولية لدراسات الجدوى التي تعاقدت عليها مع شركة “إينيكو Ineco”، بينما تقوم شركة “Herrenknecht” الألمانية بتحليل قاع البحر في عتبة كامارينال (Camarinal Threshold).
ويعد مشروع النفق البحري من المشاريع “الطموحة” والواعدة بخصوص الربط القاري والمواصلات بين-القارية، إذ يُرتقب أن ينشئ نفقا بحريا عبر “مضيق جبل طارق” بين المملكتين المغربية والإسبانية.
وعلقت صحيفة “EuropaSur” الإسبانية على أهمية الربط الاستراتيجي عبر أحد أهم المضايق والمعابر البحرية في العالم”، قائلة إن “إسبانيا تتطلع، مرة أخرى، إلى مضيق جبل طارق بطموح للمستقبل”، مضيفة أنه “بَعد أربعة عقود من توقيع اﻻتفاق الثنائي مع المغرب لدراسة الربط الثابت بين أوروبا وإفريقيا، أعادت الحكومة تنشيط الدراسات الفنية لمشروع ضخم: بناء نفق تحت الماء يربط بين ضفتي المتوسط عبر مسار يزيد طوله عن 38 كيلومترا”.
وتحت إشراف وزارة النقل الإسبانية، أكد المصدر الإعلامي الإسباني عينه أن “حكومة مدريد كلفت شركة Ineco العامة بإجراء دراسة جدوى كاملة لاستكشاف ما إذا كان هذا الطموح الذي طال أمده يمكن أن يتوقف عن كونه حلما جيوستراتيجيا ويصبح حقيقة مادية”.
وأضافت، وفقا لبوابة التعاقدات (الصفقات) الحكومية في إسبانيا، أن “الميزانية المخصصة تبلغ 1.632.338 يورو، مقارنة بـ2.4 ملايين يورو التي كانت مقررة في البداية، بسبب التعديلات التي أُدخلت على التكليف؛ مثل “إلغاء دراسة معرض الاستطلاع أو تقليل الحاجة إلى استكشاف طرق بديلة”.
وحسب التفاصيل المعلنة، فإن الدراسة، التي تأتي في إطار خطة التعافي والتحول والمرونة، بتمويل أوروبي من برنامج NextGenerationEU (الجيل المقبل الأوروبي)، تشمل “التحليل المادي والوظيفي والمالي للمشروع”. كما تنبني أيضا على مهام “تقييم جدوى حفر قاع البحر، وتوقعات الطلب على حركة الركاب والشحن التجاري البحري، ودراسة سيناريوهات العائد الاقتصادي المختلفة لاستثمار قد يصل إلى ملايين من الدولارات”.
“مدخلان محتمَلان”
أفادت صحيفة “EuropaSur” الإسبانية بأن الطرف الإسباني يدرُس إمكانية الولوج إلى النفق البحري عبر نقطتين بريتَيْن: الجزيرة الخضراء أو طريفة.
وقالت الصحيفة ذاتها، ضمن تقرير لها حول الموضوع، “في الوقت الحالي، هناك نقطتان على طول الساحل الإسباني تعتبران محطتين محتملتيْن للوصول إلى النفق: إما المنطقة المحيطة بالجزيرة الخضراء بما فيها من سكة حديدية وميناء مهم استراتيجيا، والساحل القريب من طريفة، المدينة الواقعة في أقصى جنوب أوروبا”.
وعلى الطرف الآخر من مضيق جبل طارق، من المنتظَر أن “الطريق سيتجه نحو محيط مدينة طنجة”، مردفة بالشرح “يتوخى الخيار المفضل لسنوات ربطا بطول 38,5 كيلومترات، منها 27,7 كيلومترات تحت الماء، عن طريق نفقيْن للسكك الحديدية محفورَين تحت قاع البحر، في منطقة ذات تعقيد جيولوجي كبير بسبب وجود ذبذبات ونشاط زلزالي”.
ولمراعاة الجانب الجيولوجي والطبيعة الزلزالية للمنطقة، “يَخضع المشروع لمراجعة معمقة بالتعاون مع شركة ‘هيرينكنيخت’ الألمانية الرائدة عالميا في مجال آلات حفر الأنفاق، والتي تقوم بتحليل الجدوى الفنية للمسار، خاصة في الجزء الأكثر أهمية (عتبة الكامارينال). ومن المتوقع أن يتم إجراء حفر مُعقد باستخدام آلات حفر الأنفاق (TBM)، وإنجاز تقرير حول الموضوع “سيكون جاهزا” بحلول يونيو أو صيف العام الجاري.
وفي السنتين الأخيرتين، لا سيما مع فوز الملف المشترك بين إسبانيا والبرتغال والمغرب بشرف تنظيم نهائيات “مونديال 2030″، عاد الحديث عن مشروع النفق البحري الذي سيربط المغرب بإسبانيا إلى الواجهة مجددا، ليُحيي حلما ظل معلقا لعقود، قبل أن يوقع اتفاق تاريخي بين المغرب وإسبانيا عام 1980 أفضى إلى تأسيس شركتين وطنيتيْن بخصوص دراسات المشروع.