أثارت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة ولقاءه الرئيس عبد الفتاح السيسي، حالة من التساؤلات حول دلالات تلك الزيارة في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من تطورات متسارعة على مختلف الأصعدة.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور محمد حسين، يقول لـ"الرئيس نيوز": "الزيارة مهمة ولا يمكن تجاهل نتائجها على الصعيد الداخلي من حيث الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون الموقعة بين البلدين، أو على صعيد التأثير في الإقليم والساحة الدولية"، مضيفا أن فرنسا ومن ورائها بريطانيا وألمانيا، دول مؤثرة جدا في الاتحاد الأوروبي، والمجتمع الدولي.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبى يسعى لخلق توازن مع القوى المؤثرة في الشرق الأوسط، بعد الشطحات الصادرة من النظام الأمريكي الجديد برئاسة دونالد ترامب، موضحا أن الإدارة المصرية تسعى لاستثمار الرفض الأوروبي لقرارات ترامب الأخيرة المتعلقة بفلسطين، وتحديدا ما له صلة بمساعي تهجير الفلسطينيين من غزة.
وأضاف الدكتور حسين: “التواصل مع دوائر صنع القرار في العالم، أمر مهم، والقمة الثلاثية لإعادة تأكيد الموقف المصري والأردني الرافض لتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين من غزة، فضلا عن بحث جهود استعادة وقف إطلاق النار، وكيفية ممارسة الضغوط على دولة الاحتلال لإلزامها بالعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية لمواجهة الكارثة الإنسانية في غزة، والعمل من أجل تسوية شاملة قائمة على حل الدولتين”.
كما أكد أستاذ العلوم السياسية أن القمة الثلاثية فرصة جيدة لعرض الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة من دون تهجير أهلها، فضلا عن عرض فكرة لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة شؤون قطاع غزة بصورة مؤقتة، من غير تواجد قيادات لحماس من بين عناصرها، إلى جانب سبل إحياء مبدأ حل الدولتين، بوصف الطريق الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة.
ومن المقرر أن يتوجه الرئيس الفرنسي، غدًا الثلاثاء، إلى مدينة العريش، على بُعد 50 كيلومترًا من قطاع غزة، للقاء جهات إنسانية وأمنية ولـ«إظهار سعيه المستمر» لوقف إطلاق النار.
وسبق أن استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في إطار الزيارة الرسمية رفيعة المستوى التي يقوم بها إلى مصر، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وصرح السفير محمد الشناوى المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن اللقاء شهد عقد مباحثات ثنائية تلتها مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين، كما وقع الرئيسان إعلانا مشتركًا لترفيع العلاقات بين مصر وفرنسا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وشهدا التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين.
وفي ختام الاجتماعات، عقد الرئيسان مؤتمرًا صحفيًا.
اتفاقيات مشتركة
وشهد الرئيسان توقيع مذكرة تفاهم صحية جديدة بين القاهرة وباريس تهدف إلى المساعدة في علاج الفلسطينيين الذين جرى إجلاؤهم من غزة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، بحسب هيئة الاستعلامات المصرية.
كما شهدا توقيع 10 اتفاقيات مؤسسية بين الحكومتين المصرية والفرنسية، و12 اتفاقية اقتصادية خلال منتدى الأعمال، تشمل مجالات الصحة، النقل، المياه، والطاقة المتجددة.
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصل، أمس الأحد، مصر في مستهل زيارة رسمية تستغرق 3 أيام يلتقي خلالها بالرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث تركز المحادثات الثنائية على مناقشة "الحاجة الملحة" لاستعادة الهدوء ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، والخطة العربية لإعادة إعمار غزة، وهي المبادرة التي تحظى بدعم فرنسي.
ونشر ماكرون على صفحته الرسمية، بمنصة "إكس" فيديو يُظهر طائرات الرافال المصرية تصاحب الطائرة الرئاسية، وكتب: "وصلنا إلى مصر برفقة طائرات رافال المصرية، فخورون بهذا لأنه يعد رمزًا قويًا للتعاون الاستراتيجي بيننا".
وتعد هذه الزيارة هي الرابعة في تاريخ زيارات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر، لتؤكد العلاقة الخاصة التي تربط بين الرئيسين الفرنسي والمصري وبلديهما، وخاصة أن هذه المرة تأتى في وقت مهم بالنسبة للمنطقة.