حققت شركة أنجلوجولد أشانتي، إحدى كبرى شركات تعدين الذهب في العالم، قفزة هائلة في أرباحها بعد استحواذها على شركة سنتامين، التي تمتلك منجم السكري، أكبر منجم ذهب في مصر وأحد أكبر المناجم المنتجة عالميًا.
جاء هذا الاستحواذ في صفقة بلغت قيمتها 2.5 مليار دولار، أُعلن عنها في سبتمبر 2024 وأُكملت في نوفمبر من العام نفسه، مما عزز مكانة الشركة كرابع أكبر منتج للذهب عالميًا بإنتاج سنوي يتجاوز 3 ملايين أوقية، وفقًا لصحيفة فاينانشيال ميل الاقتصادية.
تفاصيل الصفقة وأثرها على الأداء المالي
أعلنت أنجلوجولد أشانتي عن أرباح قوية في الربع الثالث، حيث بلغت الأرباح الرئيسية 236 مليون دولار مقارنة بخسارة 194 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام السابق. ساهمت هذه النتائج المالية في ارتفاع الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والتسديد (EBITDA) بنسبة 339% لتصل إلى 746 مليون دولار، مع تدفق نقدي حر بلغ 347 مليون دولار، مقارنة بـ20 مليون دولار فقط في الربع الثالث من 2023. يعزى هذا التحسن إلى ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 28% لتصل إلى 2449 دولارًا للأوقية في المتوسط، إلى جانب الاستحواذ الاستراتيجي على سنتامين.
ذكرت الصحيفة أن منجم السكري، الواقع في الصحراء الشرقية بمصر، أضاف حوالي 450 ألف أوقية سنويًا إلى إنتاج أنجلوجولد، مما رفع إجمالي إنتاجها إلى 3.1 مليون أوقية.
منذ بدء الإنتاج في 2009، أنتج المنجم أكثر من 5.9 مليون أوقية من الذهب، ويمتلك احتياطيات معدنية تقدر بـ4.1 مليون أوقية، مع موارد مشار إليها وقابلة للقياس تبلغ 2.9 مليون أوقية.
يتميز المنجم بتكاليف تشغيل منخفضة، حيث بلغت التكلفة النقدية الإجمالية 970 دولارًا للأوقية وتكلفة الاستدامة الشاملة (AISC) 1196 دولارًا للأوقية في 2023، مما يعزز ربحية أنجلوجولد.
دوافع الاستحواذ
جاءت صفقة الاستحواذ في وقت تشهد فيه أسعار الذهب ارتفاعات قياسية، حيث اقتربت من 2500 دولار للأوقية في سبتمبر 2024، مدفوعة بالطلب العالمي المتزايد والتوترات الجيوسياسية. أشار رئيس مجلس إدارة أنجلوجولد، يوخن تيلك، إلى أن الاستحواذ على سنتامين يضيف "إمكانات جيولوجية هائلة" إلى محفظة الشركة، خاصة أن منجم السكري يقع ضمن درع النوبة العربي الناشئ، وهو منطقة غنية بالموارد المعدنية.
كما أكد الرئيس التنفيذي ألبرتو كالديرون أن الصفقة ستكون مربحة من الناحية النقدية اعتبارًا من السنة الأولى، وستعزز القيمة الصافية للأصول من اليوم الأول، مع فرص إضافية لتحسين الأداء من خلال خبرات أنجلوجولد في الاستكشاف والتشغيل.
وتضمنت شروط الصفقة دفع 0.06983 سهمًا جديدًا من أنجلوجولد و0.125 دولار نقدًا لكل سهم من أسهم سنتامين، مما يمثل علاوة 36.7% على سعر إغلاق أسهم سنتامين.
وبعد إتمام الصفقة، سيمتلك مساهمو أنجلوجولد حوالي 83.6% من الكيان المدمج، بينما سيمتلك مساهمو سنتامين حوالي 16.4%.
حظيت الصفقة بموافقة أغلبية مساهمي سنتامين، وتمت الموافقة عليها من قبل السلطات التنافسية المصرية، مع انتظار الموافقة النهائية من محكمة جيرسي في نوفمبر 2024.
تأثير الاستحواذ على استراتيجية أنجلوجولد
يعكس هذا الاستحواذ استراتيجية أنجلوجولد لتوسيع تواجدها في المناطق الغنية بالذهب، مع التركيز على الأصول عالية الجودة (Tier 1) مثل السكري، التي تتميز بتكاليف تشغيل منخفضة وإمكانات طويلة الأمد. الشركة، التي تدير مناجم في تسع دول عبر ثلاث قارات، بما في ذلك غانا، غينيا، تنزانيا، والكونغو الديمقراطية، تسعى إلى تحسين محفظتها من خلال التخلص التدريجي من الأصول ذات التكلفة العالية وزيادة الإنتاج من المناجم ذات الكفاءة العالية. يتيح منجم السكري للشركة تعزيز مرونتها في التخلص من المناجم ذات التكلفة العالية (Tier 2)، مما يحسن هوامش الربحية الإجمالية.
كما استفادت أنجلوجولد من تحسينات تشغيلية في مناجمها الأخرى، مثل منجم أوبواسي في غانا (بزيادة إنتاج 15%)، وسيجيري في غينيا (9%)، وتروبيكانا في أستراليا (14%)، مما ساهم في تحقيق أعلى إنتاج ربع سنوي في 2024 بـ586 ألف أوقية من العمليات المدارة. على الرغم من ارتفاع التكاليف النقدية الإجمالية بنسبة 3% إلى 1186 دولارًا للأوقية بسبب الضغوط التضخمية، إلا أن الشركة حافظت على توجيهاتها السنوية للإنتاج والتكاليف ورأس المال.
التوسع في مصر وآفاق المستقبل
لم تكتفِ أنجلوجولد بالاستحواذ على سنتامين، بل أبدت اهتمامًا بتوسيع استثماراتها في قطاع التعدين المصري. أعلنت الشركة عن استثمار 150 مليون دولار في القطاع المصري، مع خطط لاستكشاف فرص جديدة لاكتشاف الذهب.
وأكدت الحكومة المصرية، عبر وزير البترول والثروة المعدنية، دعمها لهذه الاستثمارات من خلال تحسين بيئة الأعمال وتبسيط إجراءات الترخيص، مع إطلاق مشاريع تعليمية مثل أول مدرسة تعدين متخصصة في مرسى علم بالتعاون مع منجم السكري.
يأتي هذا الاستحواذ ضمن موجة من الاندماجات والاستحواذات في صناعة الذهب، مدفوعة بارتفاع الأسعار وزيادة الطلب.
تشمل الأمثلة الأخرى استحواذ نيومونت على نيوكريست في أستراليا عام 2023، وصفقة جولد فيلدز للاستحواذ على أوسيسكو ماينينج في كندا. تعكس هذه التحركات ثقة الشركات الكبرى في استدامة ارتفاع أسعار الذهب، مع توقعات بتخفيف ضغوط التضخم على التكاليف، مما يعزز هوامش الربح في المستقبل.
يمثل استحواذ أنجلوجولد أشانتي على سنتامين نقطة تحول استراتيجية، عززت من خلالها مكانتها كواحدة من أكبر منتجي الذهب عالميًا. ساهم منجم السكري في تعزيز الإنتاج وخفض التكاليف، مما أدى إلى أداء مالي قوي في الربع الثالث من 2024، مدعومًا بارتفاع أسعار الذهب.
مع خطط لتوسيع الاستثمارات في مصر وتحسين محفظتها العالمية، تستعد أنجلوجولد لتحقيق نمو مستدام.
تظل الصفقة نموذجًا لاستراتيجيات الاندماج في صناعة التعدين، مع توقعات بمزيد من الصفقات في ظل الطفرة الحالية التي يشهدها سوق الذهب.