الاثنين 12 مايو 2025 | 04:09 مساءً

الذكاء الاصطناعي
يشهد الشرق الأوسط تحولًا جذريًا وسريعًا نحو تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ حيث تتدفق استثمارات هائلة لتعزيز البنية التحتية الرقمية في مجالات البيانات الضخمة، والتعلم الآلي، والحوسبة السحابية.
في هذا السباق المحموم، لم يعد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي مجرد خيار تكميلي، بل أصبح ضرورة ملحة لضمان بقاء الحكومات والشركات في دائرة المنافسة الاقتصادية العالمية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: من سيقود مسيرة الابتكار في هذه المنطقة الحيوية؟ ومن سيتخلف عن هذا الركب التكنولوجي المتسارع؟
يشير تقرير صادر عن شركة "برايتس وترهاوس كوبرز" (PwC) إلى أن مساهمة الذكاء الاصطناعي في اقتصادات الشرق الأوسط ستبلغ نحو 320 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يؤكد على الفرصة الهائلة التي يجب على دول المنطقة اغتنامها للاستفادة من هذه الثورة التكنولوجية.
لماذا يعد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ضروريًا للمنطقة؟
أصبح الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ضرورة قصوى لدول الشرق الأوسط؛ لتعزيز قدرتها التنافسية على الصعيد الدولي، ودعم جهود التنمية المستدامة، وتحسين الكفاءة في مختلف القطاعات.
ويتجلّى ذلك بوضوح في سعي دول مثل السعودية والإمارات، إلى تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على النفط، وجذب الاستثمارات الأجنبية مستفيدة من البنية التحتية المتطورة التي تعمل على بنائها.
من هم أبرز المستثمرين في الذكاء الاصطناعي بالمنطقة؟
تتصدّر المملكة العربية السعودية قائمة أكبر المستثمرين في التكنولوجيا الناشئة في المنطقة؛ حيث أعلنت في مارس 2024 عن نيتها تأسيس صندوق استثمار ضخم، بقيمة 40 مليار دولار بالتعاون مع "أندريسن هورويتز"، بالإضافة إلى مشروع طموح لاستثمار ما يصل إلى 100 مليار دولار في نوفمبر 2024.
كما استقطبت المملكة استثمارات تُقدّر بنحو 15 مليار دولار في مجال الذكاء الاصطناعي خلال فعاليات مؤتمر "ليب 2025".
وتُعد شركة "آلات" السعودية، التي أُطلقت في فبراير 2024، كجزء من جهود تحقيق أهداف رؤية 2030، لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال؛ حيث تتخصص في تصنيع الإلكترونيات وأشباه الموصلات وتغطي تسعة قطاعات حيوية.
كما أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق شركة "هيوماين" المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، بهدف تطوير وإدارة حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على اللغة العربية ومراكز البيانات والحوسبة السحابية.
أما دولة الإمارات العربية المتحدة، فتُعتبر رائدة في هذا المجال بعد أن كانت أول دولة في العالم تعين وزيرًا للذكاء الاصطناعي في عام 2017.
وقد أطلقت "استراتيجية الإمارات الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031"، وتشمل استثماراتها البارزة شركة "جي 42" المدعومة من "مبادلة للاستثمار"، والتي تخطط لضخ عشرات المليارات لتوسيع استثماراتها في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تخطيط شركة "إم جي إكس" المملوكة للدولة لاستثمار نحو 7 مليارات دولار في مشروع "ستارغيت".
كما خصصت قطر ميزانية قدرها 2.5 مليار دولار لبرنامج التحول الرقمي، ورصد المغرب 1.1 مليار دولار لاستراتيجية "المغرب الرقمي 2030".
هل تتساوى دول المنطقة في حجم الاستثمار؟
تتفاوت مستويات الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بين دول المنطقة، إلا أن هناك جهودًا حثيثة، تبذلها معظم الدول، للحاق بركب التكنولوجيا الناشئة؛ فعلى سبيل المثال، أطلقت مصر "الميثاق الوطني للذكاء الاصطناعي" بالتعاون مع "مايكروسوفت"، بينما أعلنت تونس والجزائر عن استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي.
كيف تستفيد دول المنطقة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟
يتسع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي في المنطقة ليشمل قطاعات متنوعة؛ ففي قطاع الطاقة، تستعين شركة "أرامكو السعودية" بالذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة المصافي، وتوقع مواعيد الصيانة وخفض الانبعاثات.
وفي قطاع الرعاية الصحية، تستفيد شركة "إم 42" الإماراتية من هذه التقنيات، كما يدخل الذكاء الاصطناعي في قطاعات الزراعة، والثروة الحيوانية، والتعليم، والقطاع المالي.
ما هي التحديات التي تواجه تبني الذكاء الاصطناعي في المنطقة؟
تواجه دول المنطقة عدة تحديات في هذا المجال، أبرزها انخفاض حجم الاستثمارات مقارنة بالدول خارج المنطقة، والاعتماد على التقنيات الخارجية، وخاصةً في مجال الرقائق، بالإضافة إلى قلة الكوادر المؤهلة، والاحتياجات الكبيرة من الطاقة لتشغيل هذه التقنيات، والحاجة إلى تطوير بنية تحتية رقمية متقدمة. كما تبرز تحديات تتعلق بالخصوصية وحماية البيانات.
وتزيد القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على تصدير الرقائق المتقدّمة إلى المنطقة، خشية تسرب التكنولوجيا إلى الصين، من تعقيد المشهد، إلا أن إدارة الرئيس دونالد ترمب ألمحت إلى إمكانية رفع هذه القيود، وتشديد الرقابة على الرقائق في الخارج.
ورغم هذه التحدّيات، حققت بعض دول المنطقة خطوات مهمة في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها، مثل نماذج "فالكون" و"جيس" الإماراتية، ونموذج "علاّم" السعودي.
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.