أخبار عاجلة
المسطرة الجنائية محط نقاش بالرباط -

بين المصادقة والرفض .. "اتفاقية صحية" تزعج المجتمع المدني في وزان

بين المصادقة والرفض .. "اتفاقية صحية" تزعج المجتمع المدني في وزان
بين المصادقة والرفض .. "اتفاقية صحية" تزعج المجتمع المدني في وزان

مثل كرة ثلج تبدأ صغيرة وتكبر بالتدحرج، أثارت اتفاقية شراكة من أجل التعبئة ضد الأمراض الخطيرة سجالا واسعا بين الأوساط المحلية بإقليم وزان؛ وهي المبادرة التي تراهن على تعزيز العرض الصحي بوزان والنواحي وتجويده، من خلال دعم مالي لإحدى المصحات الخاصة يفوق 3 ملايين درهم خلال سنتين عبر إطار جمعوي.

وأورد عدد من الفاعلين الحقوقيين، في إفادات متطابقة لجريدة هسبريس، أن من شأن هذه الاتفاقية تقوية القطاع الخاص وإغنائه على حساب المستشفى الإقليمي العمومي. كما انبرى عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى التعبير عن رفضهم إبرام هذه الاتفاقية عبر وسم وهاشتاغ #لا_لاتفاقية_الكاميلة جرى تبنيه من لدن صفحات محلية.

أطراف الاتفاقية

تجمع الاتفاقية شركاء وأطرافا من قطاعات وزارية مختلفة؛ بدءا من عمالة إقليم وزان والمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية للتعليم الأولي والرياضة، ومؤسسة وزان للتضامن والإدماج، وصولا إلى المجلس الإقليمي لوزان و17 جماعة ترابية تابعة للإقليم الجبلي.

ووفق تمهيد لمشروع الاتفاقية سالفة الذكر اطلعت عليه هسبريس، فإنها تتماشى مع أهداف استراتيجية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، لا سيما تلك المتعلقة بتعميم التغطية الصحية وتأمين الرعاية الشاملة. كما تأتي أخذا بعين الاعتبار أن تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص والشركات ومع المنظمات غير الحكومية هي أولوية الوزارة الوصية على القطاع، وكذا بالنظر إلى أن المصحة المعنية هي المصحة الاستشفائية الوحيدة بالإقليم التابعة للقطاع الخاص واعتبارا للمقاربة المواطنة والإنسانية التي تتبناها مؤسسة وزان للتضامن والإدماج.

وتبعا للتمهيد ذاته، تعرب الأطراف المتعاقدة بموجب هذه الاتفاقية عن رغبتها في التعاون المشترك للمساهمة في تحسين وتطوير الخدمات الصحية ضد الأمراض غير المعدية التي تستهدف السكان في حالة هشاشة بشكل عام والذين يعانون من الأمراض غير المعدية بشكل خاص بإقليم وزان؛ وذلك بتفعيل برنامج وقاية عبر ست محاور تستهدف الأطفال والكبار.

المساهمات المالية

يرى متتبعون للشأن المحلي أن بنود الاتفاقية ثير شبهات واصفين إياها بالملغومة، خاصة فيما يتعلق بالتزامات المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بوزان، والتي تتمثل في توفير الدعم اللوجستيكي اللازم للخدمات الطبية، لا سيما من خلال توفير الموارد البشرية بالإضافة إلى تلك التي توفرها المصحة متعددة التخصصات.

وأكد هؤلاء المتتبعون أن الخدمات المراد تقديمها للتلاميذ الذين يعانون من ضعف البصر في المؤسسات التعليمية بإقليم وزان في إطار هذه الاتفاقية، على سبيل المثال، تشكل موضوع برنامج صحي وطني يحظى بالمجانية بالمؤسسات الاستشفائية العمومية.

وتلتزم الجماعات الترابية الـ17 التابعة لإقليم وزان والمنخرطة في هذه الاتفاقية بتحويل دفعة واحدة إلى حساب مؤسسة وزان للتضامن والإدماج خلال شهر أبريل من كل سنة، وتختلف هذه المساهمات المالية من جماعة ترابية إلى أخرى أخذا بعين الاعتبار الكثافة السكانية وتبدئ من 22 ألفا و100 درهم كأقل مساهمة (جماعة مزفرون) إلى 129 ألفا و800 درهم كأكبر مساهمة (جماعة زومي) خلال سنة 2026، على أن يتضاعف مبلغ هذه المساهمة بمرتين لكل جماعة من الجماعات المكونة للإقليم خلال سنة 2027. ويمتد العمل بهذه الاتفاقية على ثلاث سنوات 2025-2026-2027. ويبدأ العمل بها من تاريخ التأشير عليها من لدن السلطة المختصة.

بين المصادقة والرفض

في وقت عبرت جماعة بوقرة عن رفضها للاتفاقية، حيث تم التصويت بأغلبية المستشارين الجماعيين الحاضرين 26 صوتا من أصل 28؛ اختارت جماعات ترابية أخرى تأجيل مناقشة الاتفاقية والمصادقة عليها (جماعة ابريكشة وجماعة مقريصات)؛ بينما صادقت مجالس أخرى على الاتفاقية، ورأت فيها حلا لإشكال عويص.

في هذا الصدد، قال بدر العبودي، رئيس جماعة بوقرة، إن الصحة العمومية ليست اختصاصا حصريا للمجالس الترابية، وأن عملها يقتصر على مجال حفظ الصحة، مشبها العملية بالاحتيال الذي ينطلي على المجالس المنتخبة بالدرجة الأولى خاصة أن جلها جماعات فقيرة بموارد مالية محدودة.

واعتبر العبودي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الاتفاقية تسهم في ازدهار القطاع الخاص على حساب المستشفى العمومي، محبذا تخصيص هذه الموارد المالية للمستشفى الإقليمي أبي القاسم الزهراوي بمدينة وزان، ومبديا استعداده للمساهمة في تجويد العرض الصحي العمومي سواء عبر اقتناء الأجهزة البيوطية والتجهيزات الصحية الضرورية للتطبيب أو عبر تحفيز وتشجيع الأطر الصحية الطبية منها أو التمريضية لتعزيز العرض الصحي وتجويده.

وأورد رئيس جماعة بوقرة: “أما من الناحية السياسية لا يستقيم إقحام السياسة في قطاع اجتماعي يهم الصحة العامة للمواطنين”، مبرزا أن الاتفاقية بقدر ما تبدو مفيدة وذات جدوى لعموم ساكنة الإقليم؛ إلا أنها قد تفتح الباب أمام الاستغلال السياسوي والانتخابوي، خاصة بالنظر إلى تعداد السكان وعدد الذين يعانون من مشاكل صحية وأمراض مزمنة.

وشدد العبودي على أن “الاتفاقية لن تستطيع الاستجابة للعدد الكبير من المرضى، وسيتم إقصاء الكثير منهم بسبب حسابات شخصية وأخرى انتخابية؛ وهو الشي الذي أرفضه جملة وتفصيلا”.

وفي وقت تنص فيه بنود الاتفاقية على أن الجماعات الترابية تتكلف بنسبة 30 في المائة من مبلغ العمليات الجراحية والاستشارات الطبية المختصة والفحوصات الطبية، بينما تتكلف المؤسسة المستفيدة 70 بالمائة، تساءل العبودي مستنكرا عن مآل ومصير حصة التأمين الإجباري، خاصة أن جميع المواطنين يتوفرون على بطاقة التأمين الإجباري عن المرض (أمو تضامن وأمو الشامل).

بدوره، اعتبر عبد السلام علالي، فاعل حقوقي، إبرام جماعات إقليم وزان لهذه الشراكة مع مصحة خاصة، سواء كان هذا الأمر برضا المجالس المنتخبة أم قسرا، يعد دليلاً على ضعف خدمات المستشفى الإقليمي والمراكز الصحية القروية، وعجزها عن مواجهة الأمراض الخطيرة التي تشكل موضوع الشراكة.

وأضاف علالي أن التفكير السليم إذا كان فعلا هناك اهتمام بصحة المواطنين فإن الأجدر والصواب تعزيز خدمات المستشفى الإقليمي والمراكز الصحية في المناطق القروية، خاصة أن الإقليم يضم 16 جماعة قروية.

أما إذا كان الهدف دعم القطاع الخاص على حساب القطاع العام، أورد الفاعل الحقوقي ذاته، فلا ينبغي أن يتم ذلك على حساب الجماعات الترابية ذات الموارد المحدودة التي لا تكفي لتلبية احتياجاتها الأساسية، والتأكيد يتمثل في هشاشة البنية التحتية التي تعد دليلا قاطعا لا يدع مجالا للشك.

وبين معاناة ساكنة دار الضمانة والنواحي وتدهور الخدمات الصحية بالمستشفى الإقليمي أبي القاسم الزهراوي يأتي هذا الدعم المالي العمومي للقطاع الخاص ليصب الزيت على النار ويشعل فتيل الانتقادات.. فهل تتدخل الجهات المعنية والمختصة لوضع حد لهدر المال العام؟ وحده مهدي شلبي، عامل إقليم وزان، بيده الجواب.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الهيئة الوطنية للانتخابات تنظم ندوة تثقيفية ...
التالى البنك الدولي يدعم توسيع منظومة صحة الأم والطفل في البادية المغربية