ارتفعت واردات الهند من النفط الأميركي خلال أول 4 أشهر من العام الجاري (2025)، في زيادة كبيرة تقترب من الضعف على أساس سنوي.
في المقابل، انهارت واردات الصين من النفط الأميركي بنسبة 54% على أساس سنوي خلال المدة المذكورة، بفعل حرب الرسوم التجارية المستعرة بين الاقتصادين الكبيرين.
وبحسب المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن زيادة واردات الهند ترجع إلى تجدُّد علاقات الطاقة مع الولايات المتحدة، وفرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرسوم الجمركية، فضلًا عن انخفاض أسعار النفط الخام.
ومن المتوقع أن تكون الهند أقل تأثرًا من اقتصادات آسيا الصاعدة بالرسوم الجمركية، كما يشير محللون إلى احتمال تقديم الإدارة الأميركية أسعارًا تنافسية لتعويض ارتفاع تكاليف الشحن.
لكن قدرة المصافي الهندية على تكرير الخامات الأميركية الخفيفة والحاجة إلى مزجها بأخرى أثقل ما زالت محل تساؤل، رغم أنه كان خيارًا قابلًا للتنفيذ خلال مدة ترمب الرئاسية الأولى.
واردات الهند من النفط الأميركي 2025
ضاعفت الهند وارداتها من النفط الأميركي بنسبة 100% تقريبًا على أساس سنوي، خلال المدة بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان (2025).
وبلغ حجم الواردات 247 ألف برميل يوميًا من 124 ألف برميل يوميًا خلال المدة نفسها من العام الماضي (2024).
ومن بين آخر الشحنات المسجلة واحدة على متن الناقلة من النوع الكبير جدًا (VLCC) "بلو نوفا"، التي حملت على متنها 2.05 مليون برميل من خام غرب تكساس الوسيط من محطة كوربوس كريستي يوم 2 مايو/أيار، ومن المتوقع وصولها لميناء سيكا في الهند بحلول منتصف يونيو/حزيران المقبل.

وتعليقًا على ذلك، يقول مدير قطاع تكرير النفط وتسويقه في جمعية صناعة النفط الهندية (FIPI) دلن ساستري، إن مصافي النفط الحكومية تسعى إلى توسيع نطاق سلة وارداتها من درجات الخام من أجل تنويع المصادر وتحقيق أمن الإمدادات.
وفي عام 2024 الماضي، شهدت مشتريات الهند من النفط تحولًا عندما ارتفعت الواردات من روسيا مدفوعة بالحسومات المغرية التي قدّمتها موسكو، لتشكّل نحو 35% من إجمالي المشتريات بمتوسط 4.9 مليون برميل يوميًا.
وشكّلت روسيا مع دول الشرق الأوسط نحو 80% تقريبًا من واردات الهند من النفط، كما واصلت شراء شحنات صغيرة من دول أميركا اللاتينية وأفريقيا.
أسعار النفط
يقول مسؤولون ومحللون بصناعة التكرير، إن انخفاض أسعار النفط خلال الأشهر الماضية سهّل على الهند زيادة الواردات من الولايات المتحدة، رغم ارتفاع تكلفة الشحن بالمقارنة بالواردات من دول الشرق الأوسط الأقرب منها.
وبحسب المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، بلغ متوسط سعر خام برنت المؤرخ 73 دولارًا للبرميل منذ بداية العام حتى 2 مايو/أيار (2025)، انخفاضًا من متوسط 81 دولارًا للبرميل في 2024.
ومن المتوقع أن يصل سعر خام برنت المؤرخ إلى نطاق 65 دولارًا وأعلى للبرميل خلال عام 2025 بأكمله في سيناريو الحالة الأساسية.
كما سيستمر ذلك الاتجاه خلال عام 2026 إلى متوسط 65 دولارًا للبرميل تقريبًا، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة "إس آند بي غلوبال".
وارتفعت أسعار النفط اليوم الثلاثاء (6 مايو/أيار 2025)، لتسجل أسعار العقود الآجلة لخام برنت تسليم يوليو/تموز إلى 61.21 دولارًا للبرميل، كما زادت أسعار العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم يونيو/حزيران إلى 58.06 دولارًا للبرميل.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن أسعار النفط والبنزين قد انخفضت، وهو ما كان يطمح إلى تحقيقه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ولكن ليس نتيجة سياسات الطاقة، بل "لكل الأسباب الخاطئة".
وخلال حلقة من برنامجه "أنسيات الطاقة" بمساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قال "الحجي"، إن الحرب التجارية والرسوم الجمركية التي شنّها قطب العقارات السابق هي السبب في انخفاض الاستثمارات والاستهلاك، وهو ما أدى إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي والتخوف من المستقبل وحالة عدم اليقين.
ومحليًا، وجّه ترمب طعنة بالظَّهر لصناعة النفط الأميركية، في ظل وضع "غير طبيعي أو منطقي"؛ إذ تكبدت الشركات المحلية خسائر بمئات المليارات من الدولارات، بعد أن قال لهم: "صوِّتوا لي وادعموني بالمال"، في دليل على جنون هذه السياسات.
رسوم ترمب الجمركية
ساعدت 3 عوامل في زيادة واردات الهند من النفط الأميركي، وهي:
- تغير المشهد الاقتصادي العالمي.
- رسوم ترمب الجمركية.
- انخفاض أسعار النفط.
كما فتح التراجع في مشتريات الصين ودول أخرى الباب أمام مصافي التكرير الهندية لتنويع مصادر وارداتها.

وانخفضت واردات الصين من النفط الأميركي إلى 60 ألف برميل يوميًا في المتوسط خلال أول 4 أشهر من 2025، بنسبة انخفاض 56% على أساس سنوي.
وبدأت واردات بكين بالتراجع منذ فبراير/شباط (2025)، لكنّ شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان شهدا شراء شحنات صغيرة نسبيًا.
وفي هذا الشأن، يقول مدير قسم السوائل السائبة في منصة "إس ن بي غلوبال كوموديتس آت سي" بنيامين تانغ، إن الهند أبدت اهتمامًا كبيرًا بشراء النفط الأميركي، إذ عدّلت المصافي إستراتيجيتها في ضوء تباطؤ الواردات الصينية من خام غرب تكساس الوسيط ميدلاند بسبب الرسوم الجمركية.
لكن حالة عدم اليقين ما زالت تحيط بقدرة المصافي الهندية على استيعاب المزيد من الخامات الأميركية الخفيفة، دون خفض معدلات التشغيل أو البحث عن خامات أثقل لمزجها بها.
وساعدت زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي إلى الولايات المتحدة في منتصف فبراير/شباط 2025 بتعزيز العلاقات، إذ تعهَّد الزعيمان بتدعيم علاقات الطاقة؛ وهو ما أثمر عن تحقيق مكاسب.
ويقول الرئيس السابق لمؤسسة النفط الهندية (Indian Oil) شريكانت مادهاف فايديا، إن الولايات المتحدة كثّفت جهودها منذ عودة ترمب إلى السلطة، لجعل أميركا مصدرًا رائدًا لواردات الهند من النفط والغاز الطبيعي المسال على نحو خاص.
وتُمنح الأولوية لتجارة الطاقة بوصفها حجز زاوية في العلاقات، وربما "تعرض أسعارًا تنافسية" لتعويض ارتفاع تكاليف الشحن.
ولأن الخام الأميركي خيار إستراتيجي بالنسبة لنيودلهي، فإن عوامل التكاليف اللوجستية والخاصة بالشحن ستحدد مدى تنافسيته داخل سلة خامات الهند.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: