أخبار عاجلة
رئيس الوزراء : البنك الأوربي أحد اللاعبين ... -

كيف تؤثّر "لغة الإعلام"على الرأي العام وخريطة الإدراك المجتمعي؟

كيف تؤثّر "لغة الإعلام"على الرأي العام وخريطة الإدراك المجتمعي؟
كيف تؤثّر "لغة الإعلام"على الرأي العام وخريطة الإدراك المجتمعي؟

“إلى أي حد يمكن للغة الإعلام أن تؤثّر في الرأي العام؟”؛ سؤال يطرحه ويناقشه بعض الأساتذة الجامعيين المهتمين بالسيميائيات وآليات تشكيل الرأي العام، حيث يُثار النقاش حول مدى قدرة الكلمات المختارة في الحقل الإعلامي على تجاوز دور الإخبار البسيط لتصبح أدوات دقيقة تُصاغ بعناية لتوجيه التصورات وإعادة تشكيل المواقف من خلال رسائل خفية تتسلل برفق إلى عمق الإدراك المجتمعي بهدف التأثير فيه.

اشتباكات في المعاني

الشرقي نصراوي، أستاذ التعليم العالي في السيميائيات وتأويل الخطاب، قال إن “الإعلام يعد رسالة لفظية وأيقونية تشتغل على قضايا عدة كالتأثير عن طريق الاستيهامات، وإدراك حجم الشغف المجتمعي للخبر الذي يتحول في مرات كثيرة إلى عقيدة، وتأويل الحاجات النفسية والمجتمعية من خلال التركيز على الأبعاد الهووية للمتلقي”.

وأضاف نصراوي أن “الإعلام من هذه الزوايا ليس مجرد نقل مباشر لما يجري ويعتمل في ذات الصحافي، وإنما هذا الأخير يؤول المعلومات والأخبار ليجعلها امتداد فكرة وجنوح آراء، ومن هنا فالجملة الإعلامية هي محاولة لفهم العوالم وكل الممكنات اللغوية والثقافية والسياسية التي يسعى الإعلامي إلى بلورتها على شكل كبسولات نصية”.

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن “هذه المظاهر في تنويعاتها وترابطاتها هي ما يجعل المادة الإعلامية قادرة على تحويل رأي الجمهور والرأي العام والتأثير فيه تأثيرا كبيرا من حيث تفاعله مع لغتها وأسئلتها، دون إنكار دورها في تفتيق علامات مجتمعية تصنع الحدث وتوجه الرأي العام إلى قضية ما”.

ولفت نصراوي إلى أن “تاريخ الإعلام دوليا وفي العالم العربي نجح في كل الفترات في توجيه الرأي العام رياضيا وسياسيا وتقافيا، ويمكن لوساىل الإعلام المختلفة أن تصنع بجرة قلم واحدة وجها معروفا وفاعلا مجتمعيا اعتمادا على آليات متعددة؛ أولها تمظهر المادة الإعلامية بأفق انتظار محدد مع الجمهور، والثاني تبني تمثلات عن الشخص والقضية والموضوع، والثالث بروز منظومة قيم متعالية، مما يجعلنا أمام مشهدية إعلامية لها إيقاعها وجغرافية ممكناتها”.

وأكد أستاذ السيميائيات وتأويل الخطاب أن “النص الإعلامي بمختلف أنواعه يكتسي أهمية خاصة اليوم في الجامعة وكل حلقات الوزارات المتدخلة؛ لأنه يتميز بخصوبة الأسئلة التي يطرحها، وبقوة الوظائف التأثيرية التي ينجزها، ومشاركته كل مناحي الحياة بأنشطتها المتنوعة، ولذلك فهو يصنع بنيات تواصلية وتفاعلية متعددة، إنْ على مستوى اقتراح التصورات والبدائل، أو ببناء نموذج خاص للإنسان الذي تسعى إلى بنائه أو التأثير فيه”.

وقال نصراوي: “إن دور الإعلامي خطير جدا في اشتباكات المعاني التي يسعى إلى بلورتها، بدءًا من محاكاة الواقع، ثم القفز لخلق تناظرات عدة يمكن تسميتها تجاوزا ‘البحث عن النموذج’ الذي يريد خلقه والحلم به”، مشيرا إلى أن “الرسالة الإعلامية ليست بريئة، بل هي سلطة السلط؛ لأنها تؤتر وتبني وتحاجج وتضع لنفسها مدلولات وعلى الآخر الإيمان بها بالفعل”.

وختم أستاذ السيميائيات وتأويل الخطاب توضيحاته بالقول: “الخطاب الإعلامي لا يمكنه في هذه الحالات إلا استعمال شبكة من المفاهيم والقضايا السياسية والدينية والعقدية لخدمة خطابه أفقيا وعموديا، ورجل الإعلام ذو ثقافة متنوعة تخدم مجال الرؤية ويستشعر بحاسته ما تريد أطراف ما الوصول إليه”.

تأثير على الرأي العام

عبد الكبير الحسني، أستاذ جامعي في اللسانيات العربية المقارنة، قال إن “لغة الإعلام هي لغة مشروطة بالفضاء السياسي والفضاء الجغرافي؛ إذ نعلم أن الدول لها سياساتها الخارجية وعلاقاتها السياسية مع مجموعة من الدول الأخرى، وبالتالي عندما تحاول الدفاع عن قضايا سياسية معينة، فإنها تجند جيوشًا من القنوات والصحافيين الذين يمارسون هذه المهام وفق شروط محددة”.

وأضاف أن “هذه الشروط تتعلق بالخط التحريري الذي تفرضه الدولة على المجال الإعلامي، مما تكون له انعكاسات مباشرة على الرأي العام؛ فإذا كنا نروّج لسياسة معينة، فإننا نروّج لها بمصطلحات محددة وبمفاهيم محددة، والمستهدف الأساسي من ذلك هو الرأي العام”.

وأكد الحسني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الرهان الأكبر هنا هو التأثير على الرأي العام، بل والأكثر أهمية هو إقناع الرأي العام بمضمون هذه القضايا حتى نصل إلى مرحلة أخطر، وهي تبني الرأي العام لهذه القضايا والدفاع عنها، بوعي أو بدون وعي”.

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن “هناك أمثلة عديدة يمكن استحضارها، مثل المفاهيم التي استخدمت أثناء حرب الخليج، كـ’نزع أسلحة الدمار الشامل من العراق’، أو تطور مفهوم ‘الإرهاب’ وكيفية الترويج له عبر مختلف القنوات، أو كذلك مفهوم ‘الربيع العربي’ الذي تم توظيفه في بعض الدول باعتباره ربيعًا عربيًا بينما وُظف في مناطق سياسية أخرى باعتباره حركات اجتماعية تطالب بمطالب شرعية”.

وأفاد عبد الكبير الحسني بأن “الأمثلة كثيرة وواقع الحال يؤكد أن تطور هذه المفاهيم مرتبط بشكل كبير بتجييش مجموعة من النخب السياسية والمحللين السياسيين الذين يقضون ساعات طوال في تحليل هذه القضايا، ويدفعون الناس إلى الإيمان بها والاقتناع بها حتى تصبح جزءا من قناعاتهم”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق من اللهجة للثعبان.. سهر الصايغ ترد على الانتقادات وتكشف كواليس "برنسة" في حكيم باشا
التالى أول قرار من بيسيرو بعد التعادل مع المصري البورسعيدي