أخبار عاجلة
عاجل.. حقيقة مشادة شيكابالا وزيزو في الزمالك -
عاجل.. حقيقة مفاوضات بيراميدز مع رامي ربيعة -

آثار تغير المناخ في أفريقيا.. تحديات وحلول (مقال)

آثار تغير المناخ في أفريقيا.. تحديات وحلول (مقال)
آثار تغير المناخ في أفريقيا.. تحديات وحلول (مقال)

يشكّل تغير المناخ في أفريقيا تحديًا كبيرًا، فرغم إسهام القارة بأقل من 4% من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًا، فإنها تواجه تقلبات قاسية تنعكس بصورة مباشرة على الأمن الغذائي ومصادر المياه وسبل العيش في دولها.

ويعتمد أكثر من 60% من سكان أفريقيا على الزراعة مصدرًا رئيسًا للدخل والغذاء، وتعرضت البنى التحتية للري وأنظمة الحماية البيئية لأضرار متزايدة بفعل ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار وتكرار الظواهر المناخية المتطرفة.

كما أن ندرة المياه وتلوثها أصبحا يشكّلان صراعًا يوميًا على الموارد المائية الضئيلة، في حين يدفع تفاقم هذه الأزمات أعدادًا كبيرة من السكان للنزوح داخليًا وخارجيًا، بحثًا عن ظروف معيشية أفضل.

في هذا المقال سنناقش مظاهر تغير المناخ في أفريقيا، وتأثيره في الزراعة والمياه، وصلته بأزمة النزوح، ونقترح حلولًا عملية وإستراتيجيات تكيفية للحدّ من الخسائر وضمان مستقبلٍ أكثر استدامة.

واقع تغير المناخ في أفريقيا

تُسجل القارة الأفريقية معدلات احترار تزيد على المتوسط العالمي، الأمر الذي يؤدي إلى تبخُّر متسارع للمياه من التربة والمسطحات المائية، ويزيد من هشاشة النظم البيئية الزراعية والريفية.

إلى جانب ذلك، لم يعد موسم الأمطار منتظمًا كما في السابق، بل بات يصاحبه انحراف كبير بين الفيضانات والجفاف الممتد.

فتؤدي الفيضانات، التي سبّبها تغير المناخ في أفريقيا، إلى انجراف المحاصيل والبنية التحتية الزراعية، بينما تعاني دول أخرى من ندرة المياه التي تؤثّر بمواسم الزراعة.

علاوة على ذلك، ازدادت وتيرة الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأعاصير ودرجات الحرارة الشديدة، ما أحدث دمارًا واسع النطاق في المناطق الساحلية والداخلية على حدّ سواء.

وقد أظهرت الدراسات أن هذه التغيرات ليست نتيجة لمظاهر طبيعية فقط، بل هي انعكاس لتراكم آثار الانبعاثات العالمية التي تزيد من اضطراب الدورة المائية ونظام الطقس في القارة.

تأثير تغير المناخ على قارة أفريقيا
تأثير تغير المناخ في أفريقيا-الصورة من موقع صندوق النقد الدولي

أسباب تفاقم تغير المناخ في أفريقيا

رغم أن أفريقيا ليست المسهِم الرئيس في الانبعاثات الكربونية، فإن عوامل عدّة تجعلها أكثر عرضة للآثار السلبية، منها:

  • ضعف البنية التحتية: نقص أنظمة الري الحديثة وتخزين المياه، إذ إن المزارعين أكثر اعتمادًا على الأمطار، التي أصبحت غير منتظمة.
  • الاعتماد الكبير على الأمطار الموسمية: يعتمد أكثر من 90% من الزراعة الأفريقية على مياه الأمطار، مما يجعل المحاصيل عرضة لتقلّبات تغير المناخ.
  • التدهور البيئي: إزالة الغابات والتصحر يقللان من قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه، ويزيدان من حدّة الجفاف.

تأثُّر الزراعة بتغير المناخ في أفريقيا

تعتمد الاقتصادات الأفريقية ودخل ملايين الأسر على الزراعة وإنتاج محاصيل رئيسة، مثل الذرة والأرز والقمح والدخن.

ومع ارتفاع درجات الحرارة وتقلُّب موسم الأمطار، شهدت هذه المحاصيل تراجعًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة.

في شرق أفريقيا، فقدَ بعض المزارعين ما يصل إلى نصف إنتاجهم من الذرة في مواسم متعاقبة من الجفاف، بينما قضت السيول والفيضانات على مساحات واسعة من الحقول في غرب القارة.

أصبح المزارعون يواجهون معضلة التنبؤ بموعد الزراعة المناسب، إذ قد تبدأ أمطار مبكرة، فتؤدي إلى زراعة مبكرة، أو تتأخر الأمطار، فتضيع فرصة حرث الأرض وبذورها في الوقت الأمثل.

وفي محاولة للتكيف، لجأ كثيرون إلى زراعة أصناف أكثر مقاومة للجفاف مثل الدخن والذرة الرفيعة، وهذه المحاصيل تستلزم موارد تقنية وبذورًا محسّنة لا تتوفر بالضرورة على نطاق واسع في المناطق الريفية.

على صعيدٍ آخر، أدت أزمات تغير المناخ في أفريقيا إلى موجات هجرة داخلية من الريف إلى المدن، إذ يضطر المزارع -عاجزًا عن تحقيق محصول كافٍ- لتأمين لقمة عيشه إلى ترك أرضه والبحث عن فرص عمل في الضواحي للعواصم الكبرى.

تغير المناخ في أفريقيا

تأثير تغير المناخ في أفريقيا في الموارد المائية

المياه تشكّل شريان الحياة والزراعة في أفريقيا، إذ تعدّ عنصرًا أساسيًا لاستدامة المجتمعات والاقتصادات المحلية.

على مدار العقود الماضية، شهدَ العديد من الأنهار والبحيرات انخفاضًا ملحوظًا في منسوبها، مما يعكس أزمة حادة يعاني منها العديد من المناطق.

هذا التراجع في منسوب المياه يؤثّر مباشرةً في الأمن الغذائي وسبل العيش، إذ تصبح الموارد أقل قدرة على دعم احتياجات الري والشرب والطاقة.

وفي ظل هذه الظروف، يتعين على المجتمعات البحث عن بدائل، مما يزيد من الضغط على ما تبقى من الموارد المتاحة.

علاوة على ذلك، تؤدي الفيضانات إلى جرف النفايات والصرف الصحي إلى مصادر المياه العذبة، مما يتسبب في تلوثها، وهذا التلوث يشكّل تهديدًا لصحّة المجتمعات، ويزيد من مخاطر انتشار الأمراض.

نتيجة لهذه التحديات، تنشأ صراعات متكررة بين المجتمعات التي تتنافس على مصادر مياه نادرة وغير آمنة، وهذه الصراعات تعرقل جهود التنمية المستدامة، وتعزز من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.

لذلك، تتطلب هذه الأزمة استجابة شاملة من الحكومات والمجتمع الدولي لتعزيز إدارة المياه بشكل مستدام، وضمان حصول جميع المجتمعات على مياه نظيفة وآمنة.

تغير المناخ في أفريقيا والهجرة

لا تقتصر آثار تغير المناخ في أفريقيا على الزراعة والمياه فقط، بل تعدّت ذلك إلى تفجُّر أزمة جديدة في شكل نزوح داخلي وهجرة عبر الحدود.

فعندما تجفّ الأراضي تدريجيًا أو تتعرض للفيضانات المتكررة، يفقد المزارعون مصدر رزقهم، ما يدفع الآلاف للانتقال إلى المدن أو إلى الدول المجاورة.

لقد سجلت السنوات الأخيرة نزوحًا جماعيًا في بعض الدول نتيجة لجفاف متواصل، ونزوحًا أوسع نطاقًا في بعضها الآخر بفعل الفيضانات والأعاصير.

آثار الفيضان في تنزانيا
آثار الفيضان في تنزانيا- الصورة من "oneindias"

الحلول والإستراتيجيات المقترحة

لمعالجة هذا التحدي البيئي والإنساني المتشابك، لا بد من مبادرات متعددة المستويات تتضافر فيها جهود الحكومات الأفريقية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية.

  • أولًا: ينبغي التركيز على تحسين إدارة الموارد المائية عبر تجمُّع مياه الأمطار وتخزينها، إضافة إلى توسيع استعمال أنظمة الري بالتنقيط والرش لتقليل الفاقد المائي، كما تتطلب إعادة تأهيل الأراضي الرطبة والعمل على تعزيز استعادة قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء لتحقيق بيئة زراعية أكثر استقرارًا.
  • ثانيًا: يجب تعزيز الزراعة المتأقلمة مع تغير المناخ، وذلك باعتماد بذور محسّنة وراثيًا تتحمل الجفاف والملوحة، وتطبيق ممارسات الزراعة تقلل من حرث التربة وتحافظ على رطوبتها.
  • كما يمكن تشجيع نظم الزراعة المختلطة التي تجمع بين المحاصيل وتربية المواشي لتحسين استدامة الموارد وتنويع مصادر الدخل.
  • ثالثًا: يتعين بناء قدرات المزارعين عبر برامج تدريبية على تقنيات إنتاجية مقاومة لتغير المناخ في أفريقيا، وتوسيع فرص سبل العيش البديلة مثل تربية الأسماك والنحل والطاقة الشمسية لضخ المياه، ما يخلق مصادر دخل إضافية، ويخفف الاعتماد الكلي على الزراعة التقليدية.
  • رابعًا: لا بد من تطوير إطار قانوني لحماية النازحين المناخيين والاعتراف بهم على المستويين القاري والدولي بصفتهم فئة جديدة تستحق الحماية والدعم، وإنشاء صندوق أفريقي للتكيف مع المناخ يكرّس موارد مخصصة للمنكوبين بالكوارث البيئية ويسهّل حصولهم على منح وقروض ميسّرة.
  • خامسًا وأخيرًا: يجب تعزيز التعاون الإقليمي بين دول حوض الأنهار الأفريقية من خلال اتفاقيات لتقاسم المعلومات والبيانات المناخية وإدارة الموارد المائية المشتركة، إضافةً إلى تنسيق مشروعات البُنى التحتية الخضراء والري المستدام للحفاظ على الأمن المائي والغذائي للقارة بأسرها.

لقد كشف تغير المناخ في أفريقيا ضعف البنى التحتية الهيدرولوجية والزراعية، وعن هشاشة المجتمعات الريفية التي تعتمد على الأمطار والمياه الجوفية بشكل شبه كامل.

إن ارتفاع درجات الحرارة وتغيّر أنماط الأمطار وتكرار الظواهر المناخية المتطرفة ليست مجرد مشكلات بيئية، بل هي أزمات اقتصادية واجتماعية ظهرت في صورة تحديات غذائية ومائية ونزوح جماعي.

وفي ظل تزايد حجم المعاناة واختلال التوازن الإيكولوجي، يتطلب الأمر تكاتف الحكومات والمجتمع الدولي والقطاع الخاص لإطلاق حزمة سياسات واستثمارات قادرة على بناء قطاعات زراعية قوية، وحماية فئات النازحين المناخيين، وضمان مستقبل أكثر استدامة للقارة الأفريقية، قارة الشمس والأمل.

* الدكتورة هبة محمد إمام - خبيرة دولية واستشارية بيئية مصرية

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وزير الإسكان عن مشروع قانون الايجار القديم: نتعامل مع هذا الملف التاريخي بمنظور متوازن
التالى تشيلسي يُكرم من رفضه سابقًا.. محمد صلاح يعود بطلاً للمكان الذي لم يؤمن به