أخبار عاجلة
دياب يحيي حفلًا غنائيًا في دمياط – 9 مايو -
انتشال جثمان صغير من مياه النيل بالأقصر -

تسارع إيقاع الحياة بالمدن يدفع المغاربة إلى أنماط غذائية مضطربة

تسارع إيقاع الحياة بالمدن يدفع المغاربة إلى أنماط غذائية مضطربة
تسارع إيقاع الحياة بالمدن يدفع المغاربة إلى أنماط غذائية مضطربة

أصبحت الوتيرة المتسارعة للحياة داخل المدن الكبرى تفرض على بعض الأفراد تبني أنماط غذائية جديدة تتماشى مع هذا الإيقاع، حيث يلجأ كثيرون، مع كثافة العمل وضيق الوقت، إلى تناول الوجبات السريعة، أو الأكل أثناء التنقل في السيارة، أو حتى طلب الطعام مباشرة إلى مقرات العمل، مما يعكس تحوّلا واضحا في عادات الأكل يطغى عليه الجانب العملي على حساب البُعد الصحي.

ويثير هذا التحوّل في العادات الغذائية تساؤلات حول الأثر المحتمل لاعتماد هذا النمط السريع على الصحة، خاصة في ظل الاستهلاك المتكرر لوجبات خفيفة تفتقر في الغالب إلى التوازن الغذائي، كما يُطرح سؤال جوهري حول كيفية التوفيق بين ضرورة الحفاظ على جودة الغذاء من جهة، والامتثال لإيقاع الحياة المتسارع في المدن الكبرى من جهة أخرى، في ظل ضغوط لا تتيح دائما خيارات صحية ومتوازنة.

مخاطر صحية

هيام اليوسفي، أخصائية في الحمية والتغذية، قالت إن “أغلب سكان المدن الكبرى يقبلون على الوجبات السريعة بسبب إيقاع الحياة المتسارع”، مشيرة إلى أن “المسافات الطويلة بين العمل والمنزل، وضيق الوقت، يدفعان الناس لتفادي الطبخ المنزلي واللجوء إلى خدمة التوصيل أو شراء الأكل الجاهز”.

وأوضحت اليوسفي، في تصريح لهسبريس، أن “هذا النمط الغذائي ينتج تغذية غير متوازنة؛ إذ يعتمد على الملح المفرط، الزيوت المهدرجة، والسكريات بكثرة، بينما تقل فيه الخضر والأطعمة الطازجة، ما يؤدي إلى التهابات مزمنة وأمراض مناعية”.

وأضافت أن “كثرة المقليات والسكريات تؤدي إلى اختلالات استقلابية، مثل مقاومة الأنسولين، وارتفاع الكوليسترول، وضغط الدم، والدهون الثلاثية، وهي عوامل مرتبطة بأمراض خطيرة كداء السكري ومشاكل في البنكرياس”.

وحذّرت الأخصائية في الحمية والتغذية من “ارتفاع كمية الملح في هذه الوجبات السريعة، لأنه يساهم في ارتفاع ضغط الدم واحتباس السوائل في الجسم، مما يزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب والشرايين”.

واقترحت المتحدثة لهسبريس حلولا وصفتها بالعملية والمهمة، أبرزها “تنظيم الوقت، وتخصيص لحظات لتحضير وجبات بسيطة ومتوازنة في المنزل”، مؤكّدة أن “الغذاء الصحي هو مفتاح الصحة الجيدة والاستمرارية في العطاء”.

وشددت الأخصائية على “أهمية الإفطار المنزلي، وتحضير وجبة خفيفة للعمل كالمكسرات أو الفواكه أو الياغورت، والحرص على تناول العشاء المتوازن الذي يجمع بين الخضر والبروتين والنشويات الكاملة”.

وأشارت هيام اليوسفي إلى إمكانية “اختيار وجبات جاهزة صحية من محلات متخصصة، شرط أن تحتوي على نسبة عالية من الخضر والبروتين الكافي والنشويات غير المكررة، مما يضمن توازنا غذائيا حتى في نمط الحياة السريع”.

دوافع ومقترحات

ليلى بلهادي بنسامي، طبيبة اختصاصية في الغدد والسكري والتغذية، قالت إن “وتيرة الحياة السريعة التي يعيشها سكان المدن الكبرى أثّرت بشكل مباشر على نمطهم الغذائي”، مشيرة إلى أن “هذا التغير يعود إلى تحول بنية الحياة اليومية؛ إذ أصبح الزوجان معا في سوق الشغل وتضاعفت التزامات الأسرة خارج المنزل”.

وأضافت بنسامي، في تصريح لهسبريس، أن “المرأة لم تعد متفرغة لتدبير شؤون المطبخ، بل أصبحت تشتغل هي الأخرى، وأغلب النساء يشتغلن في وظائف تبعد كثيرا عن مقر السكن، ما يجعل من الصعب العودة إلى المنزل في منتصف اليوم لإعداد الطعام”.

وأوضحت الطبيبة الاختصاصية في الغدد والسكري والتغذية أن “هذا الواقع الجديد يدفع الأسر، خصوصا في فترات الصباح، إلى التخلي عن وجبة الفطور بسبب ضيق الوقت، كما أن الأطفال يخرجون إلى المدرسة من دون تناول أي شيء”.

وأكدت أن “هذا النمط يؤدي إلى اللجوء المفرط إلى الوجبات السريعة أو تناول الطعام بشكل غير منتظم، وهو ما يسمى ’الغْرِينْيُوتَاج‘، أي الأكل المتقطع طيلة اليوم لسد الجوع، وغالبا ما تكون هذه الأطعمة غنية بالدهون والسكريات، لكنها فقيرة من حيث الفيتامينات والبروتينات والعناصر المغذية”.

وحذّرت الطبيبة ذاتها من أن “الأمر لا يقتصر على نوعية الأكل، بل يشمل كذلك فقدان احترام مواعيد الوجبات”، مبرزة أن “دراسات حديثة في فرنسا كشفت عن علاقة قوية بين عدم انتظام مواعيد الأكل وتفشي السمنة”، مضيفة أن “السمنة أصبحت بدورها بابا مفتوحا نحو أمراض مزمنة وخطيرة، من بينها السكري، ارتفاع الضغط الدموي، أمراض القلب، بل وحتى أمراض السرطان”.

وقالت الطبيبة الاختصاصية في الغدد والسكري والتغذية إن “الوضعية الحالية تنذر بتحول خطير في البنية الصحية للمجتمع المغربي”، موردة: “نحن نتجه نحو النمط الغربي في الحياة بما يحمله من سلبيات صحية، مثل ما نشاهده في الولايات المتحدة الأمريكية حيث ترتفع نسب السمنة بشكل مقلق”.

أما بخصوص الحلول الممكنة للتوفيق بين وتيرة الحياة السريعة والنظام الغذائي السليم، فاقترحت ليلى بلهادي بنسامي “الاعتماد على التخطيط الغذائي الأسبوعي”، موضحة أن “التهيئة المسبقة للوجبات خلال نهاية الأسبوع يمكن أن تساعد كثيرا في ضمان نظام متوازن، حيث يمكن تحضير الخضار أو طبخ بعض الوجبات نصف طهي، ما يسهّل عملية إعدادها في أيام الأسبوع”.

ونصحت بـ”الاستيقاظ مبكرا لتناول فطور صحي، وتحضير وجبة الغداء لأخذها إلى العمل أو المدرسة، مع تنظيم العشاء بطريقة تضمن الجودة الغذائية”، مشددة في الوقت ذاته على أن “الأهم ألا يُغفل الإنسان تناول ثلاث وجبات رئيسية في يومه، وأن يحرص على أن تحتوي على مصادر غنية بالبروتينات، والخضر والفواكه، والكربوهيدرات بطيئة الامتصاص”.

ولفتت الطبيبة إلى أن “التحضير المنزلي للوجبات، حتى وإن كان بسيطا، يبقى أكثر صحة من الأكل الجاهز أو الوجبات السريعة”، داعية إلى “الاستعانة بالفواكه والوجبات سريعة التحضير والصحية مثل البيض والسلطات، بدلا من الأطعمة المصنعة والمقلية”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ظروف السكنى تتحسن بجهة طنجة
التالى موريتانيا تتصدى لعصابات الهجرة