أخبار عاجلة
أسماء جلال في عدة أفلام سينمائية جديدة -
الأهلي يحسم مصير كيروش من خلافة كولر  -

واردات الهند من النفط الروسي.. نمو ملحوظ رغم الاضطرابات والضغوط (مقال)

واردات الهند من النفط الروسي.. نمو ملحوظ رغم الاضطرابات والضغوط (مقال)
واردات الهند من النفط الروسي.. نمو ملحوظ رغم الاضطرابات والضغوط (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • • إجمالي واردات الهند من النفط ارتفع بنسبة 5% في السنة المالية 2024-2025.
  • • واردات الهند من نفط السعودية والعراق وصلت إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات.
  • • الكرملين خفّض مؤخرًا توقعاته لإيرادات النفط والغاز للمدة 2025-2027 بنسبة 15%.
  • • حجم الطلب الهندي على الطاقة يضمن بقاء النفط الروسي جزءًا مهمًا من مزيج الطاقة.

سجّلت واردات الهند من النفط الروسي نموًا ملحوظًا وسط الاضطرابات الجيوسياسية، مع توقعات بأن تصل هذه الواردات إلى 2.15 مليون برميل يوميًا في أبريل/نيسان 2025.

ويُعد هذا أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من عامين، ويمثل انتعاشًا ملحوظًا في ممر الطاقة بين الهند وروسيا بعد انتكاسات مؤقتة ناجمة عن العقوبات الغربية والاضطرابات الجيوسياسية.

ويشمل هذا التطور في واردات الهند من النفط الروسي قوى السوق، كما يعكس علاقة طاقة جديدة ناشئة من التوترات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا والعقوبات وتفكك النظام العالمي.

وتعمل الهند، الدولة المحورية المتأرجحة في النظام الدولي، على إعادة صياغة قواعد التعامل من خلال تعميق العلاقات الاقتصادية مع روسيا الخاضعة للعقوبات، خلال الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأميركية الصاعدة إلى استمالتها، سعيًا منها إلى إضعاف نفوذ موسكو.

مواءمة موارد الطاقة في الهند: ثورة جيو-اقتصادية هادئة

يعكس استئناف واردات الهند من النفط الروسي، إعادة تقييم جذرية لإستراتيجية الطاقة لديها.

وارتفع إجمالي واردات الهند من النفط بنسبة 5% في السنة المالية 2024-2025 ليصل إلى 4.88 مليون برميل يوميًا، إلا أن القصة الحقيقية تكمن في التحول الجغرافي لمورديها.

وارتفعت حصة واردات الهند من النفط الروسي إلى 36%، مقارنة بـ14% في العام السابق.

في المقابل، انخفضت حصة أعضاء منظمة أوبك إلى أقل من 50% لأول مرة، في ضربة رمزية لمجموعة كثيرًا ما هيمنت على السوق الهندية.

ووصلت الواردات من المملكة العربية السعودية والعراق، وهما ركيزتان أساسيتان في هيكل الطاقة الهندي، إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات.

وبلغت صادرات السعودية أدنى مستوياتها في 14 عامًا، كما انخفضت صادرات العراق إلى أدنى مستوى لها في 4 سنوات.

واردات الهند من النفط الروسي

ويمثل هذا التوجه تنويعًا للسوق وتحولًا سياسيًا واقتصاديًا أعمق من جانب الهند نحو موردين غير غربيين قادرين على المنافسة في الأسعار، ويمكنهم توفير النفط دون شروط.

يُتداول خام الأورال الروسي بخصومات كبيرة مقارنةً بخام غرب أفريقيا والشرق الأوسط؛ ما يجعله خيارًا اقتصاديًا مُجزيًا.

وبالنظر إلى بقاء دعم الوقود المحلي حساسًا سياسيًا في الهند، وتزايد الضغوط التضخمية، تُمثل الميزة السعرية التي توفرها روسيا مكسبًا جيوسياسيًا واقتصاديًا لنيودلهي.

العقوبات وأساطيل الظل، والتهرب الإستراتيجي: مناورة روسيا النفطية

بالنسبة لروسيا، تُوفر واردات الهند من النفط الروسي المستمرة منفذًا اقتصاديًا حيويًا في ظل تشديد العقوبات الغربية.

ومنذ تصاعد الحرب الأوكرانية عام 2022، خضعت روسيا لوابل من القيود التي تستهدف أنظمتها المالية، وصادراتها من الطاقة، وقدرتها على الشحن.

في أوائل عام 2025، فرضت الولايات المتحدة تدابير جديدة تستهدف أكثر من 180 ناقلة اتهمتها بأنها جزء من "أسطول الظل" الروسي - وهي سفن تُستعمل للالتفاف على سقف أسعار النفط الذي حددته مجموعة السبع.

على الرغم من هذه القيود؛ فقد حافظت روسيا على صادراتها من الطاقة إلى آسيا ووسّعتها. وقد ارتكزت إستراتيجية موسكو على 3 ركائز أساسية:

  • أولًا: دبلوماسية الخصم: عرض النفط بأسعار أقل من المتوسط العالمي للاحتفاظ بالمشترين مثل الهند والصين.
  • ثانيًا: شبكات الشحن الخفية: الاستفادة من الدول الوسيطة، وعمليات النقل من سفينة إلى أخرى، والثغرات القانونية للحفاظ على طرق التسليم.
  • ثالثًا: العزل المالي: تحويل المعاملات إلى آليات غير دولارية، مثل تسويات الروبية مقابل الروبل والعملات الرقمية.
مصفاة ريلاينس النفطية في مدينة جامناغار بولاية غوجارات الهندية
مصفاة ريلاينس النفطية في مدينة جامناغار بولاية غوجارات الهندية – الصورة من بلومبرغ

ومكّنت هذه الأساليب روسيا من توليد إيرادات كافية لعزل اقتصادها جزئيًا عن الصدمات المالية للحرب.

تجدر الإشارة إلى أن صادرات الهيدروكربونات لا تزال حجر الزاوية في الموازنة الروسية، حيث تُمثل نحو ثلث إيرادات الدولة.

ويشير المحللون إلى أن إيرادات النفط حالت دون انهيار اقتصادي؛ ما سمح لموسكو بمواصلة تمويل الحملة العسكرية في أوكرانيا والدعم المحلي، حتى مع انخفاض قدرة مصافي التكرير بنسبة 15% بسبب هجمات الطائرات الأوكرانية المُسيّرة.

دبلوماسية ترمب في مجال الطاقة ونفوذ الرسوم الجمركية

على الرغم من أن موسكو قد وجدت طرقًا مبتكرة للحفاظ على تدفق النفط؛ فإن عودة دونالد ترمب إلى الواجهة السياسية قد أضافت تقلبات جديدة إلى مشهد الطاقة العالمية.

في أبريل/نيسان 2025، أعلن ترمب فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 26% على الصادرات الهندية -بما في ذلك الزراعة والأدوية والمعدات عالية التقنية- مشيرًا إلى ممارسات تجارية غير عادلة واختلاف إستراتيجي.

وفي الوقت نفسه، عُلِّقَت الرسوم لمدة 90 يومًا للدول الراغبة في "التعاون" بشأن مواءمة الطاقة، بما في ذلك الهند.

من جهته، يأتي نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، الذي زار نيودلهي مؤخرًا بأجندة واضحة: إقناعها بزيادة وارداتها النفطية من الولايات المتحدة وتقليص واردات الهند من النفط الروسي.

وبصفتها بادرة حسن نية، طرح فانس إطار عمل لشراكة تجارية وطاقة هندية أميركية جديدة، مقترحًا إمكان تقديم نظام تجاري تفضيلي مقابل مزيد من التوافق في سياسات الطاقة والأمن.

نظريًا، يبدو هذا الاقتراح منطقيًا؛ فالولايات المتحدة تُعد، حاليًا، أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي في العالم، وتسعى إلى تعزيز حضورها بقطاع الطاقة في آسيا.

ناقلة النفط الروسي (إيغلز) تبحر قرب ميناء كيلبيلاهتي في مدينة بورفو على خليج فنلندا
ناقلة النفط الروسي (إيغلز) تبحر قرب ميناء كيلبيلاهتي في مدينة بورفو على خليج فنلندا – الصورة من مجلة نيوزويك

وعلى الصعيد العملي، يُعد النفط الأميركي أقل تنافسية من حيث السعر، ويواجه اختناقات لوجستية بسبب غياب عقود تسليم واسعة النطاق وطويلة الأجل مع الهند.

إضافة إلى ذلك، فإن أي اعتماد مفرط على الولايات المتحدة قد يُقوّض استقلالية الهند الإستراتيجية، وهو مبدأ يُشكّل أساس سياستها الخارجية بأكملها.

ولا يزال نهج الهند في العلاقات الخارجية قائمًا على التعددية، لا التحالف، وقد أشارت نيودلهي إلى أنها غير مستعدة للسماح للولاءات الجيوسياسية بأن تُملي قرارات الطاقة التي تؤثر في مواطنيها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.

الحقائق الجيو-اقتصادية والتوقعات طويلة المدى

لا يخلو رهان روسيا على الهند من المخاطر؛ فانخفاض أسعار النفط -حيث يُتداول خام برنت عند 66.40 دولارًا أميركيًا، منخفضًا من أكثر من 70 دولارًا أميركيًا في وقت سابق من العام- إلى جانب انقطاعات المصافي وتزايد المنافسة من إيران، قد تُضعف قدرة موسكو على التسعير.

وقد خفّض الكرملين مؤخرًا توقعاته لإيرادات النفط والغاز للمدة 2025-2027 بنسبة 15%، في حين أن موازنته مُثقلة بنفقات الدفاع المرتفعة وتراجع طلب المستهلكين.

بدورها، تستكشف الهند تنويع مصادر الإمدادات، بما في ذلك زيادة الواردات من الولايات المتحدة وأفريقيا، وحتى إيران (رهنًا بتخفيف العقوبات).

رغم ذلك؛ فإن حجم الطلب الهندي على الطاقة، المتوقع أن يرتفع بأكثر من 3% سنويًا حتى عام 2030، يضمن بقاء النفط الروسي جزءًا مهمًا -وإن كان مُتنازعًا عليه- من مزيج الطاقة.

على الصعيد المحلي، يتعيّن على الهند مواجهة قيود البنية التحتية، بما في ذلك سعة المواني وتوافق المصافي مع مختلف أنواع النفط الخام.

إلى جانب ذلك، بدأ تحول الطاقة العالمي -بما في ذلك السيارات الكهربائية والهيدروجين والطاقات المتجددة- يؤثر في تدفقات الاستثمار الطويلة الأجل؛ ما يثير تساؤلات حول استدامة اعتماد الهند على الوقود الأحفوري.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أثناء توقيع أمر تنفيذي بالبيت الأبيض
الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أثناء توقيع أمر تنفيذي بالبيت الأبيض - الصورة من وكالة رويترز

التداعيات الجيوسياسية

يكشف ارتفاع واردات الهند من النفط الروسي وسط العقوبات الغربية وتهديدات الرسوم الجمركية عن حدود الإكراه الاقتصادي في عالم متعدد الأقطاب.

وعلى الرغم من أن الغرب يواصل استعمال العقوبات بصفتها أداة رئيسة لإدارة شؤونه، تستغل جهات فاعلة عالمية كبرى، مثل الهند، ثقلها الجغرافي والاقتصادي لانتزاع منافع من جميع الأطراف دون الانحياز الكامل لأي منها.

بالنسبة لروسيا، تُمثل الهند محورًا إستراتيجيًا؛ إذ تُساعد على تعويض الخسائر في الغرب، وتُحافظ على استقرار اقتصاد النفط.

وستظل هذه العلاقة محورية، ولا سيما إذا أعادت الصين ضبط طلبها على الطاقة، أو إذا شُدّدت عقوبات الطاقة الأوروبية أكثر.

النفط الصخري الأميركي

وبالنسبة للولايات المتحدة، يكمن التحدي في مواءمة مرونة روسيا مع عرض قيمة تنافسي، عرض يُقدّم أكثر من مجرد الضغط والرسوم الجمركية.

وفي حال فشلت واشنطن في الجمع بين مصالحها الجيوسياسية وحوافز السوق؛ فإنها تُخاطر بفقدان مكانتها في أسرع أسواق الطاقة نموًا بالعالم.

بشكل عام، تُبرز هذه الحلقة تحولًا في نظام الطاقة؛ حيث تتغلب المعاملاتية على النزعة القبلية.

ولم تعد الدول مقيدة بتكتلات على غرار الحرب الباردة، بل إنها تُنشئ شراكاتٍ مصممة خصيصًا لخدمة مصالحها الذاتية.

وأصبح النفط، الذي كان في الماضي سلاحًا للقوة، عملةً ذات نفوذٍ متقلب في نظامٍ عالميٍّ مُتصدِّع.

ولا يقتصر قرار الهند إبقاء خياراتها النفطية مفتوحةً على البراميل والموازنات بل هو إعلانٌ عن وكالةٍ إستراتيجيةٍ سياديةٍ في عالمٍ أصبحت فيه الطاقة والجغرافيا السياسية لا تنفصلان، ولم تعد قواعد الولاء والنفوذ القديمة ساريةً.

فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي يحتفي بيوم الطفل الفلسطيني
التالى رئيس الوزراء الفرنسي: قرار ترامب بشأن الرسوم الجمركية قد يؤدي لـ"أزمة عالمية"