اقرأ في هذا المقال
- إجمالي احتياطيات المعادن الأرضية النادرة يتجاوز 90 مليون طن متري
- أميركا تسعى لتأمين مصادر جديدة وسط تصاعد التوترات مع الصين
- اكتشافات قازاخستان الأخيرة قد تضعها ضمن أكبر 3 دول في العالم
- الصين تسيطر على 70% من الإنتاج العالمي لهذه المعادن.
تُمسك الدول المالكة لأكبر احتياطيات المعادن الأرضية النادرة بسلاح إستراتيجي يُدار بصمت، ويُحرّك خيوط السياسة والاقتصاد من خلف الكواليس.
وهذه العناصر، البالغ عددها 17، تمتلك خصائص تجعلها عصب الصناعات المستقبلية، من الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة، إلى السيارات الكهربائية وأنظمة الدفاع، لذا من يملك هذه العناصر، يملك مفاتيح الغد.
وفي هذا المشهد، تبرز الصين قوة مهيمنة، ليس فقط لأنها تمتلك أكبر احتياطيات المعادن الأرضية النادرة، بل لأنها تتحكم في عمليات التكرير العالمية، ممسكة بتلابيب سلاسل التوريد، بداية من استخراج المواد الخام إلى إنتاج المنتجات النهائية.
ومع تعقّد الأزمات الجيوسياسية، وانكشاف هشاشة سلاسل التوريد، استفاقت القوى الغربية من غفوتها، إذ تحاول الولايات المتحدة -حاليًا- العودة إلى السباق، مدفوعة بهاجس أمني وإستراتيجي، وعيناها على غرينلاند وأوكرانيا.
ومن هذا المنطلق، تسلّط وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن) الضوء على الدول التي تحتضن أكبر احتياطيات المعادن الأرضية النادرة في العالم.
أكبر احتياطيات المعادن الأرضية النادرة في العالم
تستحوذ البلدان التي تمتلك أكبر احتياطيات المعادن الأرضية النادرة في العالم، على نفوذ اقتصادي هائل، يدفعها نحو تحقيق تأثيرات بعيدة المدى في الاقتصاد العالمي.
ويتجاوز إجمالي الاحتياطيات العالمية حاجز 90 مليون طن متري في الوقت الحالي، بحسب بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وتضم قائمة الدول التي تحتفظ بأكبر احتياطيات المعادن الأرضية النادرة:
- الصين: 44 مليون طن متري.
- البرازيل: 21 مليون طن متري.
- الهند: 6.9 مليون طن متري.
- أستراليا: 5.7 مليون طن متري.
- روسيا: 3.8 مليون طن متري.
- فيتنام: 3.5 مليون طن متري.
- الولايات المتحدة: 1.9 مليون طن متري.
- غرينلاند: 1.5 مليون طن متري.
- تنزانيا: 890 ألف طن متري.
- جنوب أفريقيا: 860 ألف طن متري.
- كندا: 830 ألف طن متري.
وفي مطلع شهر أبريل/نيسان، كشفت قازاخستان عن اكتشاف مذهل لرواسب ضخمة من المعادن الأرضية النادرة، باحتياطي يتجاوز 20 مليون طن متري، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وهذا الاكتشاف، إذا ما تأكد، سيضع البلاد في مصاف الدول الكبرى التي تمتلك احتياطيات إستراتيجية، وقد يدفعها إلى أن تكون ثالث أكبر دولة في العالم تمتلك احتياطيات خلف الصين والبرازيل.

الصين تعزّز هيمنتها في سوق المعادن الأرضية النادرة
تمتلك الصين أكبر احتياطيات المعادن الأرضية النادرة في العالم، كما تصدرت قائمة المنتجين في عام 2024 بإنتاج بلغ 270 ألف طن متري.
ووفقًا لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، تُنتج الصين ما يعادل 70% من الإمدادات العالمية، وتُعالج 90% من خامات هذه المعادن.
بيْد أن الهيمنة الصينية لم تكن خالية من التبعات، فقد تسببت القيود الصينية على تصدير هذه المعادن عام 2010 في ارتفاع الأسعار؛ ما دفع العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى البحث عن مصادر بديلة.
كما أقرّت بكين عام 2012 بأن احتياطياتها من المعادن الأرضية النادرة في تراجع؛ وهو ما دفعها إلى إعلان خطط جريئة في 2016 لإنشاء مخزونات تجارية ووطنية.
ومع تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مؤخرًا، أقدمت الصين على فرض قيود جديدة على صادرات 7 معادن أرضية نادرة، ورغم أن القرار لا يصل إلى حد الحظر، فإنه يعزّز قدرة الصين على التحكم في الوصول إلى هذه المواد؛ ما يثير المخاوف من استعمال هذه المعادن، كونها أداة ضغط في المفاوضات المستقبلية.
والأهم من ذلك، أن العناصر تشمل المعادن المستعملة في صناعة الرقائق الإلكترونية للذكاء الاصطناعي، وقد يعمّق ذلك التنافس التقني بين القوتين العظميين.
البرازيل تدخل سباق المعادن الأرضية النادرة
تحتل البرازيل المرتبة الثانية عالميًا ضمن أكبر احتياطيات المعادن الأرضية النادرة، بإجمالي 21 مليون طن متري، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم أن البلاد لم تكن من كبار المنتجين لهذه المعادن في عام 2024، فإن الوضع على وشك أن يتغير؛ إذ بدأت شركة سيرا فيردي (Serra Verde) الإنتاج التجاري للمرحلة الأولى من رواسبها في ولاية "غوياس" مطلع العام الماضي، مع توقعات لزيادة الإنتاج إلى 5 آلاف طن متري بحلول عام 2026.
كما تحتفظ الهند باحتياطيات ضخمة من المعادن الأرضية النادرة تُقدّر بنحو 6.9 مليون طن، مع إنتاج سنوي بلغ 2900 طن متري في 2024، وهو ما يتماشى مع معدلات السنوات السابقة.

أما أستراليا فقد أصبحت لاعبًا لا يمكن تجاهله، باحتياطيات تصل إلى 5.7 مليون طن، وإنتاج سنوي بلغ 13 ألف طن، رغم دخولها المتأخر إلى ساحة تعدين المعادن الأرضية النادرة في 2007.
وتقود شركة ليناس (Lynas) هذه الطفرة من خلال مناجم ومرافق معالجة محلية ودولية، إذ تُعد أكبر مورد للمعادن النادرة خارج الصين.
تعثّر في روسيا.. وصعود أميركي
من جهة أخرى، كانت روسيا تطمح لمنافسة الصين في سوق المعادن الأرضية النادرة، لكنها اليوم تواجه واقعًا مغايرًا، إذ هبطت تقديرات احتياطياتها من 10 ملايين طن متري إلى 3.8 مليونًا عام 2024، كما تراجع زخم القطاع الذي كان من المفترض أن يشهد استثمارات بقيمة 1.5 مليار دولار.
ورغم حفاظها على مستوى إنتاج ثابت بلغ 2500 طن متري، ألقى الغزو الروسي لأوكرانيا بظلاله الثقيلة على خطط تطوير هذا القطاع.
أما فيتنام، التي كانت تُحلّق بتقديرات احتياطيات بلغت 22 مليون طن، هبطت إلى 3.5 مليونًا فقط في 2024، وسط فضيحة مدوية واعتقالات طالت كبار مسؤولي قطاع المعادن، ما ألقى بظلال قاتمة على خطتها الطموحة لإنتاج أكثر من مليوني طن بحلول 2030، مقارنة بالإنتاج الحالي البالغ 300 طن متري.
في المقابل، تفرض الولايات المتحدة إيقاعًا مختلفًا؛ فرغم احتياطياتها المتواضعة البالغة 1.9 مليون طن متري، فإنها تحتل المركز الثاني عالميًا في الإنتاج بـ45 ألف طن سنويًا.
ورغم أن غرينلاند لا تنتج -حاليًا- أيًا من المعادن النادرة، فهي تحتضن احتياطيات تُقدر بـ1.5 مليون طن.

صراع النفوذ يبدأ من كييف وغرينلاند
رغم امتلاك أوكرانيا موارد نادرة جذبت الأنظار، فإنّها لا تدخل ضمن قائمة الـ10 الأوائل عالميًا.
ومع ذلك، تبقى محور مفاوضات حساسة بين الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترمب، خصوصًا بعد اقتراح اتفاق يمنح واشنطن 50% من عائدات الموارد الطبيعية في كييف، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة.
كما تتجه الأنظار إلى الشمال، إذ تقف غرينلاند في قلب الطموحات الأميركية، وسط رفض صريح من حكومتها وملك الدنمارك لتصريحات ترمب المتكررة بضم الجزيرة "بطريقة أو بأخرى".
وينبع هذا الاهتمام من اعتماد الولايات المتحدة، لمدة الأعوام الـ40 الماضية على الصين موردًا رئيسًا للمعادن النادرة، وهو ما يُوصف بأنه نقطة ضعف إستراتيجية تمنح بكين نفوذًا هائلًا في أي نزاع.
الخلاصة..
تتجاوز احتياطيات المعادن الأرضية النادرة في العالم 90 مليون طن متري، إذ تحتفظ الصين بأكبر احتياطي يصل إلى 44 مليونًا، في حين تسعى واشنطن لتأمين مصادر جديدة بعد سنوات من الاعتماد على بكين.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: