أخبار عاجلة

الحكم الذاتي سياسة مغربية عمرها ألف سنة

الحكم الذاتي سياسة مغربية عمرها ألف سنة
الحكم الذاتي سياسة مغربية عمرها ألف سنة

في أول تصريح من نوعه، نقلت وسائل إعلام عن وزير داخلية البوليساريو إبراهيم البشير بيلا، قوله: إن مبادرة الحكم الذاتي المطروحة لحل النزاع في الصحراء “لا تمثل سوى خيار من بين عدة خيارات ينبغي التفكير فيها لتسوية عادلة وسلمية للنزاع”.

التصريح حسب محللين جاء بعد ضغوط أميركية جادة نحو تسوية النزاع الذي طال أمده بناء على تسوية “الحكم الذاتي” الذي طرحه المغرب، والذي تبنته الإدارة الأميركية ويمضي المجتمع الدولي نحوه.

وبعيدا عن الحدث الحالي، نلج إلى تاريخ المغرب السياسي الضارب في الجذور منذ الأسر الأولى التي حكمته، والتي امتد سلطانها في أوج اتساع حكمها من الجزيرة الأيبيرية غربا وحتى السافانا الأفريقية جنوبا، في ممالك مزدهرة منحت المغرب أحد أكبر الكيانات في تاريخ أفريقيا، وأول إمبراطورية في المنطقة، كما أوردت الحوليات الصينية في حديثها عن المرابطين.

واتسم الحكم المغربي في هذه الأراضي بسابقة تاريخية غير معهودة منذ عهد يوسف بن تاشفين (توفي 1106) الذي أنقذ الأندلس من السقوط مرتين، حتى إذا لم يجد بدا من احتلاله في جوازه الثالث، قام بذلك مضطرا للحيلولة دون ذهابه إلى الأبد.

وكان ابن تاشفين، وقبله ابن عمه أبوبكر بن عمر اللمتوني، ينزعان نحو سلطة لا مركزية في أفريقيا والأندلس، سلطة تقوم على منح “الحكم الذاتي” للمالك والسلطنات القائمة، مع توفير الحماية والازدهار لها، وهو النهج الذي سلكه بن تاشفين في الأندلس بداية حتى نقضه أمراء الطوائف.

سقطت دولة المرابطين 1056 – 1147 بعد قرن من قيامها، في المغرب والأندلس، لكنها لم تسقط في الصحراء الكبرى وغرب أفريقيا، إذ استمر نهجها وسياستها بعد أن تركت ممالك وسلطنات مارست سلطانها بعيدا عن أية وصاية سياسية، محتفظة بكل الإرث السياسي والتبعية الوجدانية للمرابطين الذين حل معظمهم وهاجر إلى الصحراء الكبرى بعد سقوط كيانهم.

استمر النهج السياسي للمرابطين في الصحراء الكبرى، حتى إذا أطلت مملكة السعديين 1510 – 1659م، فأخذت تمتد على ذات الأراضي والجغرافيا التي خلفها أسلافها المرابطين، حتى وصلت إلى مملكة مالي التي تعد أكبر مصدر للذهب حينها، والتي ضمها المنصور الذهبي الذي رد غزوا برتغاليا في معركة وادي المخازن، كان هدفه تحطيم المغرب والجواز إلى المشرق وثروات أفريقيا.

وتميز العهد السعدي أيضا بعد مد نفوذه بمنح كل تلك الأراضي والمناطق التي امتدت في أفريقيا حكما ذاتيا، فيما أخذت ممالك وسلطنات قائمة كالتي في شمال نيجيريا اليوم (كانو وسوكوتو) بمبايعة سلطان المغرب طوعا رغبة في أن يكونوا تحت وصاية حكام من آل البيت النبوي الشريف، وهي سياسية ستتحول تاليا إلى تبعية روحية استمرت إلى يومنا هذا في عموم غرب أفريقيا.

وذات الأمر ما حصل مع العلويين منذ 1666 م الذين استمرت سيادتهم على المنطقة حتى دخول الاستعمار الفرنسي الذي قطع تلك الصلات، حيث ينقل المؤرخ محمد الغربي، أن سكان منطقة تينبكتو في أول استشعارهم للخطر 1894 عند دخول الفرنسيين، وجهوا خطابا إلى المولى الحسن الأول لإنقاذ أجزاء مملكته البعيدة، غير أن انشغاله بمواجهات الداخل حالت دون ذلك.

وحسب محمد الغربي في كتابه الحكم المغربي في السودان الغربي، حكم تينبكتو 180 حاكما باسم المغرب منذ عهد السعديين باسم سلاطين المغرب عبر الحكم الذاتي، وحتى دخول الاستعمار الفرنسي الذي أنهى تلك الصلات، فيما استمر الدعاء لسلاطين المغرب على المنابر بعد ذلك حتى إعلان استقلال دول المنطقة.

وغاية القول، أن مغرب اليوم، يمضي نحو حلول طالما رآها بالأمس ناجعة، بعد أن جربها عبر تاريخه الضارب في الجذور، حلول تتجاوز الخلافات وترضي كل الأطراف البعيدة والقريبة تحت سلطان ارتضاه المغاربة في كل تحولاتهم، بعد أن رأوا فيه ضمانة لاستقرارهم ووحدة أرضهم واستمراريتهم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رضا سليم يواجه شبح عبدالقادر وكريستو خارج حسابات النادي نهائياً (خاص)
التالى ياسر إدريس يكشف تواصل وزارة الرياضة مع اللجنة الأوليمبية الدولية حول تعديلات القانون