أخبار عاجلة

مستقيم يعالج الالتفاف حول العلمانية

مستقيم يعالج الالتفاف حول العلمانية
مستقيم يعالج الالتفاف حول العلمانية

مقاربةٌ إبستمولوجية لـ”العلمانية” تصدر في أحدث مؤلفات الباحث المغربي المهدي مستقيم، عن منشورات دار الربيع بالقاهرة، وهو وفق كاتبه “استجابة ملحة لمجريات الوضع الخطير الذي نعيشه في سياقنا العربي، وهو وضع يفرض علينا اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى ضرورة تشييد براديغم أخلاقي جديد ينهل من منظومة قيميّة أخلاقية حديثة، تتّخذ من الشميلة الحقوقية الإنسانية مصدراً لتشريعها وتقطع بشكل نهائي مع كل رابط قيمي تقليدي يتأسس على إرث ديني”.

ويردف الكتاب وفق تقديمه: “القَانون الوضعي الحديث وحده من بإمكانه أن يفرض علينا بقوته ضرورة التّعامل مع غرائزنا الأخلاقية العميقة، وتنمية شُعورنا بعدم إمكان استئصالها، بدءا من بنده الرّئيس الذي يقضي بضرورة احترام الحياة الإنسانية بوصفها حياة تمثل كما يقول ‘تشارلز تايلر’ نمطًا من أنماط الوصول إلى العالم”.

ويقول الكتاب الجديد إنه “يجدر بنا أن نُدرك أنّنا لا نعيش في هذا العالم الرّحب بمفردنا، وأنّ هذا العالم إنّما يستند إلى أساسٍ أخلاقيّ حديثٍ يتعارض جذريا مع أساس الأنظومات الثّقافية التقليدية، وأن العالم الحديث لا يقوى على تحمّل المعايير والقِيم والتشريعات الموروثة عن أسلافنا، إذ باتت هذه الأخيرة تشكل تهديداً عظيمًا للقيم الّتي بذلت الإنسانية جهدًا كبيرًا في صياغتها بعد الصّراعات المريرة التي خاضتها مع الثّقافات التّقليدية الْمُظلمة، حتى انتهت إلى تشييد منظومة حقوقيّة إنسانية شاملة تؤمن بأن الكائنات البشرية كائنات تستحق الاحترام”.

ويوضّح الكاتب أن “ما هو خاصّ في العالم إنما يتمثّل في صياغة مبدأ الاحترام بلغة قانونية، الأمر الّذي أمسى قاعدة مركزيّة في الأنظمة القانونية”، و”ليس ثمة شيء يمكن للمواطن أن يطيعه أكثر من القانون، ذلك أنّ هذا الأخير هو ما من شأنه أن يتيح له إمكانات الحصول على مجموعة من الفوائد التي اعتدنا على تسميتها بالحقوق، كأن يضمن له صون حياته واحترامها مثلًا”.

ويتابع العمل بأنه “ليس في إمكاننا التّأسيس لمنظومة قانونية حقوقية كونية داخل مجتمعاتنا من دون خلق أفراد مستقلين ذاتيًّا، أفراد يمتلكون القدرة على تشكيل آرائهم الخاصة تجاه ذواتهم وتجاه العالم من دون أن تمنعهم من ذلك سلطة ترتبط بإرث قيمي أو ما سواه”، وزاد: “ذلك أنه لا يتسنّى الفصل بين احترام الحياة الإنسانية بوصفها حقًّا إنسانيّا طبيعيّا وبين فكرة الاستقلال الذّاتي؛ إذ يتعيّن علينا أن نوفر للنّاس الشُروط الكفيلة بتنمية شخصيّاتهم على النّحو الّذي يرغبون فيه مهما كانت تبدو معتقداتهم ورغباتهم لا تتناسب مع حِسِّنَا الأخلاقي”.

ويقول الكتاب إن الإنسان المعاصر صار “ينبذ القتل والألم أكثر من أسلافه، إلى أن بات تجنُّب الألم معيارا مميَّزاً في حياته”؛ من هنا يحيل على تايلر والمشهد المؤلم الذي افتتح به ميشيل فوكو كتاب “المراقبة والعقاب”، حيث “وصف التّعذيب الذي تعرّض له شخصٌ حاول اغتيال ملك فرنسا في منتصف القرن الثّامن عشر- على ألّا يفهمنّ من ذلك أننا لم نعد نشهد مثل هذه الأحداث في أيّامنا ولعل حرب غزة أفظعها- على أنّ مشهدًا كهذا بات يُشَكّل مصدر صدمة في عالمنا المعاصر، لذا وجب التّصدي له ورفضه، فحتى القرارات الشّرعية الّتي تدعو إلى تنفيذ الإعدام تنفذ داخل أسوار السّجون وليس أمام الملأ، بل إننا صرنا نُصاب بالذّعر والهلع كلما علمنا أن الأطفال الصّغار سمح لهم في وقت بالمشاركة في طقوس تنفيذ الإعدام في السّاحات العامة”.

ويقدّر المؤلف أن “الجماعات الدّينية الأصولية الْمُتطرّفة التي تأتي على أفعال إجراميّة تجهل أهميّة الحياة الإنسانية اليومية، ولا تُبدي أيّ احترامٍ للحياة والكرامة الإنسانيتين”، وهو ما يظهر “في مجتمعات تمتنع عن احترام المعايير الحقوقية والأخلاقية التي تتجمع حول الشّعور بأن الحياة الإنسانية تقتضي الاحترام؛ مجتمعات تفتقد المعنى الحديث لمبدأ الاحترام، الذي يمنح مكانة عظيمة للحرية وضبط النّفس، فضلًا عن منحه أولوية عالية لكل ما من شأنه أن يجنّب الآلام، انطلاقًا من دعمه النّشاط المنتج والحياة الأسرية بوصفهما قاعدتين مركزيّتين للحياة الجيدة”.

ويشكل أحدث كتب المهدي مستقيم موقفا يدفع إلى “مجابهة المآزق التي تتخبّط فيها مجتمعاتنا العربية من خلال الالتفاف حول مفهوم العلمانية، والعمل على أقلمته ضمن سياقاتنا، وترسيخه في أذهان أفرادنا؛ انطلاقا من التركيز على مجموع الاعتبارات الإبّيستيمولوجية الْمُشَكِّلة لنواته في المقام الأول، ودعمه بصرح قانوني وضعي يعمل على تطبيق إوالياته في المقام الثّاني”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حزم استثمارية كبرى في مصر.. أبرز نتائج زيارة السيسي الاقتصادية لقطر والكويت
التالى السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء