
سيرةُ “رمزٍ من رموز الثقافة والأدب في المغرب” الراحلة فاطمة الجامعي الحبابي، التي كانت رفيقة درب الفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي، الرئيس المؤسّس لـ”اتحاد كتاب المغرب”، تحضر في أحدث أجزاء أبرز الموسوعات بالمملكة “معلمة المغرب”.
وببحثٍ وشهادة شخصية من الأكاديمية والمحقّقة المتخصصة في الأدب المغربي نجاة المريني قدّمت مسيرة الجامعي التي رحلت عن دنيا الناس سنة 2024، بعدما درّست اللغة العربية بالمدرسة الوطنية للإدارة بالجزائر، ثم بالمدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط، قبل أن تناقش خريجة كلية “القرويين” في الثانوي وكلية الآداب بفاس والمدرسة العليا للأستاذة بالرباط، رسالة الماجستير بجامعة القاهرة المصرية في موضوع “لغة أبي العلاء المعري في رسالة الغفران”، ثم دكتوراه الدولة من جامعة السوربون الفرنسية.
وذكرت نجاة المريني أنه “بتشجيع من زوجها الأستاذ محمد عزيز الحبابي أسست الأستاذة فاطمة الجامعي الحبابي ببيتها ‘ندوة تمارة’ فضاء ثقافيا وفكريا وأدبيا يحضره رجال الفكر، والثقافة، والأدب، والفلسفة، والسياسة، وسهرت على تنظيمه وترتيب أشغاله بعناية في جلسات قد تستغرق أمسية أو يوما دراسيا تبعا للموضوع المقترح المطروح للنقاش، وتكريم بعض رجال الفكر والأدب والسياسية؛ ولم تكتف بهذه الجلسات التنويرية الثقافية، بل إنها نجحت في إصدار أعمال هذه الجلسات في سلسلة أسمتها ‘أبحاث وأعلام’، وجعلت إصداراتها تحت عنوان ‘ندوة تمارة’ (…) وكان أول عدد من هذه السلسلة عن الأستاذ عبد الله كنون، وصدر سنة 1991″.
وتفسّر هذه المبادرة، وفق ما نقلته المريني عن الراحلة الجامعي الحبابي، بـ”مبادرة كان قد اتخذها الأستاذ محمد عزيز الحبابي، عندما كان رئيسا لاتحاد كتاب المغرب، لتكريم رجالات مغاربة أحياء؛ تلك المبادرة التي جاءت تكذيبا للقولة الشهيرة ‘المعاصرة حجاب’، والتزاما بتقدير العاملين من المصلحين والمبدعين الذين يجسدون نماذج تاريخية حية يقتدى بها”.
وفضلا عن ترجمتها روايات إفريقية، وأعمالا فكرية من بينها كتاب “ابن خلدون معاصرا” لمحمد عزيز الحبابي الذي نقلته إلى اللغة العربية، صدرت للجامعي الحبابي مؤلفات من بينها “ندوة التعريب ودوره في تدعيم الوجود العربي والوحدة العربية”، و”المغرب العربي في الخطاب الملكي، منذ الاستقلال إلى قمة مراكش المغاربية”.
وتابعت المريني في تعريفها بفاطمة الجامعي الحبابي في أحدث أجزاء “معلمة المغرب”: “للأستاذة فاطمة مشاركات وازنة في المغرب وخارجه حول موضوعات مختلفة تهمّ الفكر والثقافة والأدب، كما أن لها مقالات كثيرة في مجلات عربية ومغربية وفي جرائد وطنية، فهي صاحبة قلم سيال، تجيد رصف الكلم كلما أسعفها التفكير في موضوعات مختلفة”.
وقد تصوّفت فاطمة الجامعي الحبابي في آخر حياتها، وانصرفت، وفق شهادة نجاة المريني، إلى “الذكر وحياة التقشف”، مع “عزوف عن حياة المجتمع المدني وعن علاقاتها العامة”، بعد مسيرٍ غزير العطاء استمرّ فيه عقوداً حضورها في الجرائد، والمنصّات أيضا، “محسنةً الارتجال، لا تهتم وهي تتحدث بمن يقاطعها”، و”تبهر السامع بما تستحضره من أفكار وأمثال وأقوال مأثورة”.