بدأت شركات صناعة السيارات في التكيف مع الرسوم الجمركية بنسبة 25% التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على واردات السيارات، حيث اتخذت إجراءات تتراوح بين تعليق الإنتاج ورفع الأسعار أو وقف بيع بعض الطرازات.
دخلت هذه الرسوم حيز التنفيذ يوم الخميس، وتطبق على جميع السيارات التي لا يتم تصنيعها في الولايات المتحدة. وفقًا لتقديرات بنك أوف أمريكا، ستتأثر حوالي 7.3 مليون مركبة، أي ما يعادل 8% من مبيعات السيارات العالمية، بهذه الرسوم، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.
وفي الثاني من أبريل الجاري، الذي أطلق عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اسم "يوم التحرير"، أعلن عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع السيارات وقطع الغيار المستوردة إلى الولايات المتحدة، في خطوة هزت أركان صناعة السيارات العالمية. بدأت هذه الرسوم تُطبق فعليًا من منتصف ليل الثالث من أبريل، مما دفع الشركات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها بسرعة.
خلال الأسبوع الأخير، من 30 مارس إلى 6 أبريل 2025، شهدنا تحولات كبيرة في هذا القطاع الحيوي، حيث بدأت الشركات تتكيف مع الواقع الجديد من خلال تعليق الإنتاج، رفع الأسعار، أو حتى التخطيط لنقل المصانع إلى الولايات المتحدة. في هذا المقال، نرصد تطورات الأسبوع الأخير ونستعرض كيف غيرت هذه الرسوم مسار صناعة السيارات.
وعبر خطاب ألقاه من البيت الأبيض، وصف ترامب هذه الرسوم بأنها "خطوة نحو الاستقلال الاقتصادي"، مؤكدًا أنها تهدف إلى حماية الوظائف الأمريكية ودفع الشركات لنقل مصانعها إلى الولايات المتحدة. لكن هذا القرار أثار موجة من القلق العالمي، حيث انخفضت أسهم شركات مثل "فورد" و"جنرال موتورز" بنسب ملحوظة في الرابع من أبريل، بينما تراجعت أسهم "تويوتا" و"فولكس فاجن" في أسواق آسيا وأوروبا. ومع تطبيق الرسوم في الثالث من أبريل، بدأت الشركات تواجه تحديات فورية، خاصة تلك التي تعتمد على سلاسل توريد تمتد عبر كندا والمكسيك وأوروبا.
الأسبوع الأخير: تحولات متسارعة
خلال الأسبوع الأخير، برزت ردود فعل متباينة من شركات السيارات. في الثلاثين من مارس، بدأت الشركات الأوروبية مثل "فولكس فاجن" تشعر بالضغط، حيث أبلغت وكلاءها في الولايات المتحدة عن خطط لإضافة "رسوم استيراد" على السيارات القادمة من أوروبا والمكسيك، وفقًا لمجلة "أوتوموتيف نيوز".
وفي اليوم التالي، أعلنت "ستيلانتس"، الشركة الأم لـ"كرايسلر"، عن تعليق الإنتاج في مصنعها في مدينة وندسور الكندية من 7 إلى 21 أبريل، وهو المصنع الذي يوظف 4،000 شخص ويقع على مقربة من ديترويت، عاصمة السيارات الأمريكية. كما أوقفت الشركة العمل في أربعة مصانع أمريكية لقطع الغيار لتتماشى مع توقف خطوط التجميع.
في الرابع من أبريل، نشر تقرير لـ"بنك أوف أمريكا" يقدر أن الرسوم ستؤثر على 7.3 مليون مركبة، أي 8% من مبيعات السيارات العالمية، وأن أسعار السيارات في الولايات المتحدة قد ترتفع بنحو 10،000 دولار إذا مررت الشركات التكلفة كاملة إلى المستهلكين.
لكن المحللين أشاروا إلى أن الزيادة الفعلية قد تقتصر على 4،500 دولار، حيث قد تلجأ الشركات إلى بيع السيارات بنقطة التعادل للحفاظ على حصتها في السوق. في الوقت نفسه، أعلنت "فيراري" عن زيادة أسعار سياراتها في الولايات المتحدة بنسبة 10%، لتصبح أول شركة تتخذ هذه الخطوة علنًا.
وبحلول أمس السبت الموافق الخامس من أبريل، بدأت شركات مثل "نيسان" تتخذ قرارات جذرية، حيث أوقفت بيع طرازي "QX50" و"QX55" في الولايات المتحدة، وهما يُصنعان في المكسيك، بينما قررت الإبقاء على إنتاج "روغ" في تينيسي لتجنب الرسوم.
كما أعلنت "فولفو" عن خطط لزيادة الإنتاج في مصنعها بكارولاينا الجنوبية، مع دراسة إضافة طراز جديد هناك.
تأثير على سلاسل التوريد: فوضى كندا والمكسيك
أثرت الرسوم بشكل خاص على الشركات الأمريكية الكبرى مثل "فورد" و"جنرال موتورز" و"ستيلانتس"، التي استثمرت لعقود في سلاسل توريد عابرة للحدود بفضل اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية-المكسيكية-الكندية (USMCA). لكن الرسوم الجديدة ألغت فعليًا هذه الميزة بالنسبة للقطع غير المصنعة في الولايات المتحدة، مما دفع "ستيلانتس" إلى تعليق الإنتاج في مصانعها في كندا والمكسيك. في المقابل، استغلت "فورد" الفرصة لإطلاق حملة إعلانية بعنوان "من أمريكا، لأمريكا"، للترويج لإنتاجها المحلي.
تداعيات اقتصادية وتوقعات المستقبل
حذر خبراء مثل سيجديم سيريت من "فيتش ريتينغز" من أن الشركات الفاخرة مثل "بورشه" قد تواجه صعوبات في امتصاص تكلفة الرسوم على طرازاتها المنخفضة مثل "ماكان".
في الوقت نفسه، يرى محللون مثل غيوم كرونيل من "ديلويت" أن الشركات تواجه معضلة: هل تصنع في الولايات المتحدة بسوق أضعف، أم تدفع الرسوم؟ تشير تقديرات "بنك أوف أمريكا" إلى أن مليون مركبة إضافية قد تُنتج في الولايات المتحدة، لكن توظيف العمالة الكافية قد يكون تحديًا.
خاتمة: مسار جديد أم أزمة ممتدة؟
في الأسبوع الأخير، أثبتت رسوم ترامب الجمركية أنها ليست مجرد تهديد عابر، بل قوة دافعة لتغيير جذري في صناعة السيارات. من تعليق الإنتاج في وندسور إلى رفع الأسعار في صالات العرض، بدأت الشركات في رسم مسار جديد. لكن نجاح هذه السياسة يعتمد على ما إذا كانت ستحقق هدفها في إعادة الوظائف إلى الولايات المتحدة، أم ستتحول إلى عبء على المستهلكين ومصدر لفوضى اقتصادية عالمية. في الوقت الحالي، يبقى العالم يترقب بينما تتسابق شركات السيارات للتكيف مع هذا التحول التاريخي.