زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الأخيرة إلى مصر أثارت موجة من التحليلات على المستوى الدولى وردود افعال على المستويين المحلى والدولى. جاءت تلك الزيارة فى وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تغيرات جيواستراتيجية متسارعة، واضطرابات فى مناطق النفوذ التقليدى للقوى الكبرى.
فالزيارة جاءت وسط تحولات متشابكة، أبرزها تصاعد التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا على النفوذ فى الشرق الأوسط، ودخول الصين بثقلها الاقتصادى والاستثمارى فى المنطقة. وكذالك تراجع الدور الأوروبى، وخاصة الفرنسى، فى بعض الملفات فى الشرق الأوسط والأهم سعى مصر لتأكيد موقعها كقوة إقليمية وسط أزمات اقتصادية وتحولات داخلية.
ماكرون لم يأتِ فقط بصفته رئيساً لدولة أوروبية ذات مصالح اقتصادية وثقافية، بل أيضاً كزعيم يسعى لترسيخ سياسة «الاستقلال الاستراتيجي» لأوروبا التى تبناها فى وجه الهيمنة الأمريكية.
فرنسا ترى فى مصر شريكاً محورياً فى استقرار شمال إفريقيا وشرق المتوسط، وخصوصاً فى مكافحة الجماعات المتطرفة، وقد ناقش الطرفان تعزيز التعاون الأمنى وتبادل المعلومات التى تحقق الاستقرار المستدام للبلدين.
وتسعى باريس، فى ظل تراجع النفوذ الأمريكى التقليدى، إلى ملء بعض الفراغات الجيوسياسية. ولتحقيق ذلك كان هناك توجه فرنسى نحو تعميق العلاقات فى الشرق الأوسط من بوابة «التحالفات البراغماتية». فى الوقت الذى أثبتت مصر أنها قادرة على جذب مختلف القوى العالمية بفضل سياساتها الحكيمة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى دون الانحياز لطرف على حساب آخر. التعاون مع فرنسا يعزز من تعدد شركاء القاهرة الدوليين، ويدعم موقعها كوسيط مهم فى القضايا الإقليمية كما يحقق لفرنسا ما سعت اليه وفى ذات السياق حملت الزيارة دلالات أوروبية أيضاً، إذ تسعى فرنسا لأن تلعب دور القائد فى تشكيل سياسة أوروبية أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة، خاصة فى ملفات المتوسط والهجرة والطاقة.
زيارة ماكرون لمصر لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل خطوة مدروسة ضمن استراتيجية فرنسية لإعادة التموضع فى الشرق الأوسط. وفى المقابل، نجحت مصر فى توظيف هذه الزيارة لتعزيز شراكاتها الاقتصادية والأمنية. وبين المصالح المتبادلة والدبلوماسية الواقعية فالزعيم الفرنسى قدم نفسه كزعيم واقعى قادر على الموازنة بين القيم والمصالح، ما يعزز مكانته فى السياسة الأوروبية والزيارة قدمت فرنسا كدولة تسعى لحلول عملية فى الشرق الأوسط، بعيداً عن السياسات العدوانية أو الانسحابية فقدمت دعما للجهود المصرية فى تحقيق الأمن الإقليمى خاصة فى ليبيا وغزة والسودان وهو ما يساهم بشكل فعال فى استقرار الشرق الاوسط ويقف حائطا أمام خطة تهجير الفلسطينيين وهو الأمر الذى رفضته القيادة السياسية المصرية منذ لحظة طرحه وقوبل بتأييد شعبى جارف من قبل طوائف المصريين رافضا خطة التهجير.
وأخيرا فإن مصر من وجهة النظر الأوروبية والفرنسية بشكل خاص تشكل نقطة ارتكاز جغرافية مهمة لهم فى شرق المتوسط وإفريقيا وهو الأمر الذى يعزز من مكانة مصر على الصعيدين الإقليمى والدولى وستظل مصر تلعب الدور المحورى البناء فى المنطقة والعالم لأنها تمتلك الحكمة والبصيرة.
نقلا عن اخبار اليوم
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.