مؤشرات “وول ستريت” تنتعش مع تجدد موجة الشراء عند انخفاض الأسهم
أدت موجة جديدة من شراء الأسهم بعد تراجع قيمتها، إلى انتعاش في مؤشرات وول ستريت، عقب عمليات بيع أثارها إعادة تقييم توقعات الاحتياطي الفيدرالي لمعدلات خفض أسعار الفائدة.
ارتفعت أسهم حوالي 380 شركة في مؤشر “إس آند بي 500″، حيث عوّض المؤشر خسائر بلغت ما يقارب 1% في وقت مبكر من يوم الإثنين. وانضمت شركات الطاقة إلى انتعاش أسعار النفط، بينما صعدت أسهم البنوك قبيل بدء موسم إعلان النتائج. جاء ذلك على الرغم من التراجع الذي طال أسهم عمالقة التكنولوجيا مثل شركتي “إنفيديا”، و”أبل”.
سجلت السندات تحركات طفيفة بعد تراجعات ناجمة عن تكهنات بخفض أقل في أسعار الفائدة هذا العام، وسط ضغوط تضخمية مستمرة.
قال كريس لاركن من “إي* تريد” (E*Trade) التابعة لـ”مورغان ستانلي”: “بينما لن تدفع بيانات التضخم الأكثر انخفاضاً من المتوقع هذا الأسبوع الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض آخر في أسعار الفائدة هذا الشهر، إلا أنها قد تساعد في تخفيف بعض الزخم السلبي، كما يمكن أن يؤدي بداية قوية لموسم الأرباح إلى نفس النتيجة”.
أما كالي كوكس من “ريثولتز ويلث مانجمنت” (Ritholtz Wealth Management)، فترى أنه على الرغم من أن المحللين قاموا بخفض توقعات الأرباح بشكل كبير، إلا أن درجة التخفيض كانت غير عادية، وأن التقارير المقبلة خلال الأسابيع القليلة المقبلة قد تساعد في استقرار السوق.
وأضافت: “إذا كان هناك شيء يمكن أن نتعلمه، فإن الأرباح تذكرنا بكيفية وصولنا إلى تلك النقطة. من المهم جداً أن نتذكر مدى تشجيع ذلك بالنسبة للاقتصاد حالياً. التوقعات العالية تسببت في تعثرنا، ولكن هذا التراجع قد يجذب الكثير من المشترين ببساطة لأن الأساسيات قوية”.
ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.2%، بينما انخفض مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 0.3%، وصعد مؤشر “داو جونز” الصناعي بنسبة 0.9%. وتراجع مؤشر “بلومبرغ” للأسهم الكبرى “العظماء السبعة” (أبل، إنفيديا، أمازون، ألفابت، ميتا، مايكروسوفت، تسلا) بنسبة 0.4%. وأضاف مؤشر “راسل 2000” للشركات الأصغر حجماً نسبة 0.2%.
ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بثلاث نقاط أساس ليصل إلى 4.79%. ولم يشهد مؤشر “بلومبرغ” للدولار تغيراً يذكر. كما قفزت أسعار النفط لأعلى مستوى لها في خمسة أشهر.
قالت جينا مارتن آدامز، ووندي سونغ من “بلومبرغ إنتليجنس”: “قد يكون المحللون قد بالغوا في تخفيض تقديرات الأرباح بسرعة، حيث أن التوقعات للربع الرابع وصلت الآن إلى مستويات تشير نماذج الإرشاد لدينا إلى أنها يمكن أن تُتجاوز بسهولة، على الرغم من أن ذلك قد لا يكون مهماً للأسهم إذا استمرت تقديرات عام 2025 في التراجع”.
وأشارتا إلى أن شركات “العظماء السبعة” قد تكون “سبب إفساد السوق مرة أخرى” حتى مع تباطؤ نموها، لكن العامل الرئيسي لعام 2025 سيتمثل في مدى قدرة بقية شركات مؤشر “إس آند بي” على توليد بعض الزخم الأساسي.
يبدأ موسم إعلان النتائج هذا الأسبوع مع تقارير من القطاع المالي. ومن المتوقع أن تظهر البنوك مثل “جيه بي مورغان”، و”ويلز فارغو” مكاسب مستمرة من إيرادات التداول والعمليات المصرفية الاستثمارية، مما ساعد في تعويض انخفاض الدخل من الفوائد الصافية بسبب الودائع المرتفعة وركود الطلب على القروض.
سيتم أيضاً اختبار المقرضين بشأن التوقعات لعام 2025، حيث أشار الاحتياطي الفيدرالي إلى عدد أقل من خفض الفائدة هذا العام، ما قد يعيق نمو الأرباح المستقبلية.
قال مايكل لاندسبيرغ من “لاندسبيرغ بينيت برايفت ويلث” (Landsberg Bennett Private Wealth Management): “تقدم البنوك الكبرى عادةً رؤى جيدة حول ما يمكننا توقعه من الشركات الموجهة أكثر للمستهلكين، التي ستقدم تقارير أرباحها في وقت لاحق من الموسم. إذا كان استخدام بطاقات الائتمان مرتفعاً، فهذا عادةً ما يكون إشارة إيجابية للشركات التي تبيع مباشرة للمستهلكين”.
من جهتها، اعتبرت ميغان هورنمان من “فيردينس كابيتال أدفايسزرس” (Verdence Capital Advisors)، أنه “بينما ظل النمو الاقتصادي مرناً في مواجهة الضغوط المستمرة من التضخم، نتوقع أن يتباطأ النمو في عام 2025”. وأضافت: “نتيجة لذلك، قد تكون تقديرات الأرباح الحالية لعام 2025 متفائلة للغاية”.
وقالت هورنمان إنها ستتابع عن كثب تعليقات قادة الشركات بشأن التضخم، ورؤيتهم لسوق العمل، وما يشاهدونه بشأن إنفاق المستهلكين، وما قد يعنيه وجود إدارة جديدة بالنسبة لأرباحهم.
يتوقع متداولو الخيارات فترة من أعلى تقلبات الأرباح في التاريخ. ويرجحون أن تتحرك الأسهم الفردية في “إس آند بي 500” بنسبة 4.7% في المتوسط في أي من الاتجاهين بعد إعلان نتائج الأعمال، وهي أكبر تحركات في يوم الأرباح على الإطلاق، وفقاً لاستراتيجيي بنك أميركا.
وكتبت سافيكا سوبرايمان، رئيسة استراتيجيات الأسواق الأميركية والتحليل الكمي، يوم الإثنين في مذكرة: “نعتقد أن موسم الأرباح هذا سيكون مرة أخرى جنة لاختيار الأسهم”.
في الوقت نفسه، قال استراتيجيون من “إتش إس بي سي” بقيادة ماكس كيتنر إن مؤشرات المعنويات وإعادة التمركز تشير بالفعل إلى إشارة شراء خفيفة. وأشاروا إلى أن حدوث مفاجأة بشأن قوة البيانات الأميركية هذا الأسبوع، بما في ذلك في التضخم ومبيعات التجزئة، قد تقدم فرصة شراء للأصول عالية المخاطر.
وكتب الاستراتيجيون: “بعض الأخبار السيئة قد تكون أخباراً جيدة في الوقت الحالي”.
من المتوقع أن ينخفض التضخم الأساسي في الولايات المتحدة بشكل طفيف في نهاية عام 2024 في ظل سوق عمل قوية واقتصاد مستقر، مما يدعم نهج مجلس الاحتياطي الفيدرالي لخفض تدريجي لأسعار الفائدة.
ويُتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين باستثناء الطعام والطاقة بنسبة 0.2% في ديسمبر بعد أربعة أشهر من الزيادات بنسبة 0.3%، وفقاً لمتوسط تقديرات الاقتصاديين في استطلاع “بلومبرغ”. وقد يرتفع التضخم الأساسي بنسبة 3.3% مقارنة بالعام السابق، وهو نفس المعدل الذي سجلته الأشهر الثلاثة الماضية.
قال ويل كومبرنول من شركة “إف إتش إن” (FHN) المالية: “سوق السندات تعاني من بيع مفرط”. وأضاف: “تسعير سوق السندات يعكس ثقة زائدة في قوة سوق العمل وتوقعات متشائمة للغاية بشأن التضخم. قد لا يكون هناك أي أحداث اليوم أو غداً على الأجندة قادرة على وقف تزايد عوائد السندات، ولكن زيادة بنسبة 0.2% في التضخم الأساسي يوم الأربعاء، كما يتوقع الخبراء، ستعطي دفعة إيجابية للسوق”.
شهدت سوق الأسهم ردود فعل أكثر وضوحاً على الأخبار الاقتصادية منذ أواخر عام 2024، حيث سجل مؤشر “إس آند بي 500” تحركات بنسبة لا تقل عن 1% في كل من الاتجاهين في 8 من آخر 15 جلسة تداول، منذ قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأخير في 18 ديسمبر.
وفقاً لمايكيل كانترويتز، كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في شركة “بايبر سانتيلر”، فإن المعنويات تجاه الأسهم يتم تفسيرها من خلال عوائد السندات أكثر من أي وقت مضى في آخر 30 عاماً. ويقول إنه من المرجح أن يأتي ضعف السوق من خلال معدلات الفائدة المرتفعة بدلاً من النمو الأضعف، وهي ديناميكية بدأت في 2022 مع أكبر تحول في النموذج للأسهم منذ ذروة 2007 بين القيمة والنمو.
يشير الانخفاض الحاد هذا العام في الفارق في التمويل إلى أن تخصيص المستثمرين المؤسساتيين في الأسهم يتغير، بينما تعيد السوق التفكير في مسار الفائدة لدى البنك الفيدرالي، وفقاً للاستراتيجيين في مجموعة “غولدمان ساكس”.