للمرة الثالثة توالياً.. “الاحتياطي الفيدرالي” الأميركي يستعد لخفض الفائدة
يُرجح أن يقلص مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تكاليف الاقتراض للمرة الثالثة على التوالي هذا الأسبوع، مع الإشارة إلى احتمال تقليل وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة العام المقبل مقارنة بالتقديرات السابقة.
أثبت الاقتصاد الأميركي أنه أكثر متانة مما كان يتوقعه المسؤولون قبل بضعة أشهر. تشير البيانات الأحدث إلى أن التضخم في الولايات المتحدة يتباطأ بوتيرة أقل مقارنة بما كان متوقعاً، وأن سوق العمل لم تضعّف بالقدر الذي كان يُخشى منه.
قد يدفع هذا التغير في التوقعات المسؤولين إلى تعديل صياغة بيان السياسة النقدية الذي سيتم إصداره عقب اجتماعهم يوم الأربعاء، وتعزيز المسار المتوقع لتكاليف الاقتراض.
البيانات الأقوى من المتوقع أثارت تساؤلات حول ما إذا كان سعر الفائدة المحايد، وهو المستوى الذي لا يعزز بموجبه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي النمو الاقتصادي ولا يبطئه، قد أصبح حالياً أعلى. قال تيم دوي، كبير خبراء الاقتصاد المعنيين بالولايات المتحدة لدى شركة “إس جي إتش ماكرو أدفيزرز” (SGH Macro Advisors)، إن هذه الضبابية قد تمنح المسؤولين سبباً إضافياً للتحرك ببطء في تخفيض أسعار الفائدة.
أضاف: “كلما اقتربت من الحد الأعلى لتلك التقديرات، يصبح من المنطقي من وجهة نظر الاحتياطي الفيدرالي أن يتحرك ببطء أكثر لتقييم موقعه في دورة السياسة النقدية”.
سيُعلن عن قرار “الاحتياطي الفيدرالي” بشأن أسعار الفائدة، جنباً إلى جنب مع تحديثات فصلية يقدمها المسؤولون بشأن توقعات الاقتصاد عند الساعة 2 ظهراً بتوقيت واشنطن اليوم. سيتبع ذلك مؤتمر صحفي لرئيس البنك جيروم باول بعد 30 دقيقة.
من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية الأسبوع الحالي، وفقاً لأداء العقود المستقبلية. من شأن هذا التحرك أن يقلص سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى نطاق مستهدف يتراوح بين 4.25% و4.5%، ما يقل بمقدار نقطة مئوية كاملة عن مستواه خلال سبتمبر الماضي عندما بدأ المسؤولون تخفيض أسعار الفائدة.
سيظل هذا المعدل أعلى بكثير من أوسط تقديرات المسؤولين البالغ 2.9% في سبتمبر الماضي، والذين توقعوا أن تستقر عنده أسعار الفائدة على المدى الطويل. تشير التعليقات الأخيرة إلى أن تقديرات صانعي السياسات لهذا المعدل، الذي يُعتبر مؤشراً لسعر الفائدة المحايد، ستستمر في الارتفاع ضمن التوقعات الجديدة.
يُعد هذا جزءاً من السبب الذي يدفع بعض صانعي السياسة إلى تفضيل تبني نهج حذر والميل صوب تقليص عدد مرات خفض أسعار الفائدة.
تشير البيانات الاقتصادية الصادرة خلال الأشهر الأخيرة إلى أن اقتصاد الولايات المتحدة يحافظ على أداء أفضل مما توقعه المسؤولون عند الإعلان عن توقعاتهم الأخيرة خلال سبتمبر الماضي. هذا يعني أن صانعي السياسة قد يرفعون توقعاتهم لتشير إلى زيادة التضخم وتراجع البطالة في الولايات المتحدة ونمو اقتصادي أقوى في تحديثاتهم لتوقعات 2024.
الجزء الأكثر أهمية في هذه التوقعات المُحدثة سيكون “مخطط النقاط” للبنك المركزي الأميركي الذي يعرض مسار الفائدة المتوقع. من المتوقع أن يشير المسؤولون إلى 3 تخفيضات لأسعار الفائدة العام المقبل، وفق غالبية خبراء الاقتصاد الذين شملهم استطلاع “بلومبرغ نيوز”، أي أقل بتخفيض واحد عن توقعات صانعي السياسات في سبتمبر الماضي.
التوقعات قد لا تعكس بالكامل السياسات الاقتصادية المقترحة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب. صرح العديد من مسؤولي “الفيدرالي” بأنهم ينتظرون تفاصيل أكثر تحديداً بشأن خطط ترمب المتعلقة بالرسوم الجمركية وترحيلات المهاجرين قبل وضعها في اعتبار توقعاتهم للنمو والتضخم.
ربما يختار مسؤولو “الاحتياطي الفيدرالي” الإبقاء على صياغة لبيانهم مشابهة لتلك المستخدمة في نوفمبر الماضي، والتي أشارت إلى أن المخاطر المتعلقة بتحقيق أهداف البنك بشأن التوظيف والتضخم “متوازنة تقريباً”.
لكن صناع السياسة قد يضيفون ما يشير إلى أنهم يتوقعون خفض أسعار الفائدة “تدريجياً”، وفقاً لخبراء اقتصاد في “بنك باركليز”.
يوجد خيار آخر يتمثل في تحديث البيان للإشارة إلى استعداد لتجميد تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل القريب، وفق ما ذكره تيم دوي. يتوقع دوي أن يبقي البنك على أسعار الفائدة في يناير دون تغيير بعد التخفيض في الأسبوع الحالي، مشيراً إلى أن المسؤولين قد يبعثون بهذه الرسالة عبر استحداث نص حول توقيت التعديلات المستقبلية لأسعار الفائدة.
من المتوقع أن يستغل رئيس “الفيدرالي” جيروم باول المؤتمر الصحفي الذي يلي الاجتماع لتوضيح طريقة تفسير المسؤولين للبيانات الاقتصادية، وما قد تعنيه هذه التفسيرات بالنسبة للسياسة النقدية. من المرجح أن يوجّه له سؤالاً عما سيتطلبه الأمر ليدفع المسؤولين إلى تعليق تخفيضات أسعار الفائدة، وبشأن إمكانية حدوث هذا التوقف في وقت مبكر ربما يناير المقبل. سيترقب المستثمرون أي تلميحات حول كيفية تحديد البنك الأميركي لوتيرة الإجراءات المستقبلية.
قد يواجه باول أيضاً تساؤلات حول ما إذا كان التقدم المحرز نحو الوصول لهدف التضخم البالغ 2% قد توقف، وما إذا كان المسؤولون أصبحوا أكثر تفاؤلاً بشأن وضع سوق العمل مقارنة بشهر سبتمبر الماضي.