فجّر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مفاجأة غير متوقعة خلال مؤتمر صحفي عقده بالبيت الأبيض، حيث أعلن رغبته الشخصية في أن يكون هو البابا المقبل، خلفًا للبابا فرنسيس الذي توفي الأسبوع الماضي، في تصريحات أثارت الجدل على المستويين السياسي والديني داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وفي رده على سؤال وجهه إليه أحد الصحفيين حول الشخص الذي يفضل رؤيته في منصب بابا الفاتيكان، قال ترامب بلهجة واثقة: «أود أن أكون أنا البابا، سيكون ذلك خياري الأول»، ما أثار ضحكات البعض، واستغراب البعض الآخر، بينما سجلت وسائل الإعلام تصريحاته بدقة لما تحمله من دلالات مثيرة في التوقيت والمضمون.
ترامب يشير إلى كاردينال من نيويورك دون حسم موقفه النهائي
رغم ما بدا من حماس ترامب لتولي المنصب الروحي الأرفع عالميًا في الكنيسة الكاثوليكية، أوضح لاحقًا أنه لا يملك تفضيلًا واضحًا لأي مرشح بعينه، لكنه ذكر اسم الكاردينال تيموثي دولان، رئيس أساقفة نيويورك، واصفًا إياه بأنه "جيد جدًا"، وهو ما فسّره متابعون بأنه إشارة ضمنية إلى دعمه له، رغم أن دولان لا يُعد من أبرز الأسماء المرشحة حاليًا لخلافة البابا الراحل.
وأثارت تلك الإشارة اهتمام المحللين، خاصة وأن ترامب دائم الانتقاد لمؤسسات دينية، لكنه حافظ على علاقة طيبة مع بعض القادة الكاثوليك الأمريكيين خلال فترة رئاسته، لا سيما في قضايا تتعلق بالحرية الدينية والإجهاض.
السيناتور ليندسي جراهام يدعم الفكرة بشكل مفاجئ
وفي تفاعل لافت مع تصريحات ترامب، قال السيناتور الجمهوري البارز ليندسي جراهام إنه متحمس لسماع أن الرئيس السابق منفتح على فكرة أن يكون البابا القادم، وكتب عبر منصة «إكس» (تويتر سابقًا):
"أدعو المجمع البابوي أن يبقى منفتحًا على هذا الاحتمال. أول رئيس أمريكي وبابا في آن واحد؟ ترقبوا الدخان الأبيض... ترامب".
وتعكس تصريحات جراهام دعمًا غير تقليدي للفكرة، خاصة وأن القانون الكنسي للكنيسة الكاثوليكية لا يمنع بالضرورة أن يكون البابا غير كاردينال، إلا أن التقاليد البابوية تجعل من غير المرجح اختيار شخصية علمانية، غير كاثوليكية، وغير متمرسة دينيًا للمنصب.
الفاتيكان لم يعلق حتى الآن.. ومراقبون يرون التصريح ساخرًا أو رمزيًا
من جانبه، لم يصدر عن الفاتيكان أي تعليق رسمي حتى الآن بشأن هذه التصريحات، التي يرى العديد من المراقبين أنها تندرج تحت طابع السخرية أو الرمزية السياسية، أكثر من كونها رغبة حقيقية من ترامب في تولي المنصب الديني الأعلى في الكنيسة الكاثوليكية.
ويعتقد محللون أن ترامب أراد من خلال هذا التصريح إثارة الجدل الإعلامي ولفت الأنظار، وهو أسلوب اعتاد عليه خلال سنوات عمله السياسي، إذ سبق له أن صرح برغبته في أدوار غير تقليدية، مستخدمًا لغة مبالغ فيها أو رمزية، خاصة عندما يريد توجيه رسائل سياسية.
هل يمكن قانونًا أن يصبح ترامب بابا؟
من الناحية النظرية، لا يوجد في القانون الكنسي ما يمنع انتخاب بابا من خارج مجمع الكرادلة أو من خارج رجال الدين الكاثوليك، بل أن بعض الباباوات في العصور القديمة لم يكونوا كهنة قبل انتخابهم.
لكن في العصر الحديث، بات هذا الأمر شبه مستحيل، نظرًا لتعقيد التقاليد الكنسية ومتطلبات القيادة الروحية واللاهوتية.
ويشترط القانون الكنسي أن يكون البابا كاثوليكيًا، ذكرًا، معمّدًا، وعلى دراية بالشؤون الدينية، ويفضّل أن يكون كاردينالًا متمرسًا.
أما ترامب، فهو بروتستانتي الإنتماء، ولا يحمل أي خلفية لاهوتية أو كنسية، مما يجعل ترشحه مجرد فكرة غير قابلة للتحقيق فعليًا.
وفاة البابا فرنسيس تفتح باب التكهنات
تأتي تصريحات ترامب بعد أسبوع من إعلان وفاة البابا فرنسيس، الذي ترأس الكنيسة الكاثوليكية منذ عام 2013، وكان أول بابا من أمريكا اللاتينية، وواحدًا من أكثر الباباوات انخراطًا في القضايا الاجتماعية والسياسية المعاصرة، بما في ذلك ملف اللاجئين، والتغير المناخي، والحوار بين الأديان.
وقد بدأت التكهنات بالفعل حول هوية البابا الجديد، مع ترجيحات بأن يكون من إفريقيا أو آسيا، أو أحد الكرادلة المحافظين من أوروبا، وسط دعوات إلى اختيار شخصية قادرة على مواصلة إصلاحات فرنسيس وتعزيز تماسك الكنيسة في ظل تحديات العصر.
ترامب وموجات الجدل المتكررة
من المعروف عن دونالد ترامب قدرته الفائقة على إثارة الجدل والتصدر الإعلامي بتصريحات خارجة عن السياق أو تحمل طابع التحدي للمألوف، سواء في الداخل الأمريكي أو خارجه.
وقد استغل سابقًا العديد من القضايا الدينية لكسب تأييد شريحة من الناخبين المحافظين، ما يجعل من هذا التصريح الأخير محاولة جديدة للعودة إلى دائرة الضوء، في ظل الحديث عن احتمال خوضه انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة.