في وقت مبكر من أبريل الجاري، أعلنت إدارة الرئيس ترامب في الثاني من أبريل عن سياسة تعريفات جمركية واسعة النطاق، تتضمن فرض رسوم بنسبة 10% كحد أدنى على الواردات من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وكانت مصر من بين الدول التي خضعت لأدنى معدل تعريفة، حيث فُرضت نسبة 10% على معظم فئات المنتجات، وفقًا لموقع المونيتور الأمريكي.
تعليق التعريفات وتأثيرها على الصين
وبعد الإعلان بوقت قصير، علّق الرئيس ترامب التعريفات المفروضة على معظم الدول لمدة 90 يومًا، باستثناء الصين. فقد فُرضت على الواردات الصينية تعريفات تصل إلى 145%، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ووفقًا للمكتب التنفيذي للرئيس، بلغت التجارة الثنائية بين البلدين في عام 2024 حوالي 582.4 مليار دولار. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تفتح المجال أمام موردين بديلين، مثل مصر، لتعزيز حضورهم في السوق الأمريكية، وفقًا لمجلة "بيزنس مونثلي".
فرص للصادرات المصرية
وأشار الموقع الأمريكي إلى أن التعريفات الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب "تمثل نقطة تحول في العلاقات التجارية العالمية، وتُحدث فترة من الحمائية المتزايدة والتوترات الجيوسياسية"، وبينما تبرر الإدارة هذه الإجراءات بحماية العدالة التجارية وتقليل الاعتماد على السلع الأجنبية، فإن الانتقادات الدولية والتداعيات الاقتصادية تظهر بسرعة.
ويبدو أن الشركات المصرية تشعر بالتأثير بشكل مباشر وغير مباشر، حيث إن تطبيق تعريفة 10% على جميع الواردات يعني ضغوطًا إضافية على تكاليف الصادرات المباشرة إلى الولايات المتحدة. كما أن العديد من الشركات المصرية تعمل ضمن سلاسل قيمة إقليمية أو عالمية قد تتأثر بهذه التعريفات. حتى الشركات التي لا تصدر مباشرة إلى الولايات المتحدة قد تتأثر من خلال شركاء في مناطق مثل دول الخليج أو أوروبا أو آسيا، والذين يصدرون منتجاتهم إلى السوق الأمريكية.
تأثير التعريفات على القطاعات الرئيسية
يتركز هذا التأثير بشكل خاص في قطاعات مثل قطع غيار السيارات، والمنسوجات والملابس، والإلكترونيات. كما يمكن أن تؤثر التعريفات على تكلفة السلع التي تستوردها مصر، مما يولد تأثيرات متتالية في الاقتصاد المحلي. في عام 2024، بلغت التجارة الثنائية بين مصر والولايات المتحدة 9.8 مليار دولار، حيث شكلت الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة 2.5 مليار دولار، بينما بلغت الواردات من الولايات المتحدة 7.3 مليار دولار، مما أدى إلى عجز تجاري كبير لمصر.
تُعد الملابس الصادرات الرئيسية لمصر إلى الولايات المتحدة، حيث تمثل أكثر من 45% (حوالي 1.2 مليار دولار) من إجمالي الصادرات المصرية، ويتم تيسير ذلك إلى حد كبير من خلال اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ)، التي تمنح المنتجات المصرية التي تلبي متطلبات المحتوى المحلي إعفاءً من الرسوم الجمركية. وتشمل القطاعات التصديرية الرئيسية الأخرى الأسمدة (6.4%)، والحديد والصلب (6.2%)، والسجاد (5.1%)، والأغذية المصنعة (5.1%).
وعلى الرغم من أن مصر تمثل 1.65% فقط من إجمالي واردات الملابس الأمريكية، فإن الصادرات إلى الولايات المتحدة تشكل 5% فقط من إجمالي الصادرات المصرية، مما يعني أن التعريفات قد لا يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الأوسع، إلا أن صناعة المنسوجات والملابس معرضة بشكل خاص للخطر، نظرًا لتوجهها التصديري وحساسيتها للأسعار.
استكشاف الفرص وسط التغيرات التجارية
على الرغم من المخاطر، هناك فرصة لمصر لتعزيز صادراتها من المنسوجات؛ فإذا تحول 1% فقط من الإنتاج من المصانع الصينية إلى المصانع المصرية، فسيكون ذلك كافيًا لإغراق الصناعة المحلية، وستنتج مصر عشرة أضعاف ما يتم إنتاجه الآن.
وأشار الموقع الأمريكي إلى الدور المتزايد لمصر في صادرات المنسوجات إلى الولايات المتحدة، حيث تعتمد علامات تجارية أمريكية مثل "ريبوك" و"تومي هيلفيجر" و"كالفن كلاين" على الإنتاج في مصر، ومع ذلك، ليس الجميع متفقين على التأثير المحتمل، ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن فرض تعريفة 10% على الجميع يعني تأثيرًا صافيًا صفريًا، في المقابل، يرى آخرون أن مصر تمتلك ميزة نسبية، حيث توفر التعريفات المنخفضة نسبيًا ميزة تنافسية للمنتجات المصرية في السوق الأمريكية مقارنة بدول تصدير رئيسية مثل الصين والهند وبنغلاديش.
خطوات استراتيجية
أكد تقرير المجلة الأمريكية ضرورة تبني الشركات للتخطيط القائم على السيناريوهات وتعزيز المرونة التشغيلية. وتابع التقرير: "إن تطوير استراتيجيات طوارئ لمواجهة التغيرات في الشروط التجارية مع حماية الهوامش والمستحقات أمر أساسي".
كما شدد على دور الحكومة في تحويل هذه اللحظة إلى فوائد اقتصادية طويلة الأجل من خلال تموضع مصر كمركز تنافسي للتصدير والتصنيع، تماشيًا مع أهداف رؤية مصر 2030، وأبرز أهمية فهم تموضع مصر الدولي في هذا النظام الجديد المحتمل، ورجح أن هذه فرصة لمصر للنمو، خاصة من خلال زيادة الصادرات في القطاعات التي تتمتع فيها بميزة تنافسية، ولكن التقاعس ليس خيارًا، بل إن الخطوة الأولى والأكثر أهمية هي أن تتحقق الشركات من نماذج أعمالها الحالية في ظل واقع التكاليف الجديد.