أخبار عاجلة

الرقمنة تمنح "طوق النجاة" لسياحة ورزازات من الإحصائيات المضللة

الرقمنة تمنح "طوق النجاة" لسياحة ورزازات من الإحصائيات المضللة
الرقمنة تمنح "طوق النجاة" لسياحة ورزازات من الإحصائيات المضللة

تعد ورزازات، جوهرة الجنوب الشرقي المغربي، واحدة من أهم الوجهات السياحية الواعدة في المملكة. وتجمع هذه الوجهة بين سحر الصحراء وعراقة القصبات والقصور التاريخية وجمال الطبيعة الخلابة. كما يتميز الإقليم بموقعه الاستراتيجي كبوابة للصحراء الصحراء المغربية وبإرثه الثقافي الغني؛ مما جعله مقصدا للسياح من مختلف أنحاء العالم الباحثين عن تجارب أصيلة ومناظر طبيعية استثنائية، إضافة إلى شهرته العالمية كوجهة للإنتاج السينمائي العالمي.

على الرغم من الإمكانات الهائلة التي يزخر بها إقليم ورزازات، فإن قطاع السياحة في هذا الإقليم يواجه تحديات ملموسة تؤثر على صورته وتطوره؛ من أبرزها مشكلة عدم تصنيف نسبة كبيرة من المؤسسات السياحية، والتصريح بأرقام غير دقيقة للجهات المعنية. ويؤدي هذا الواقع إلى انخفاض مؤشرات السياحة الرسمية وخلق انطباع سلبي لا يعكس حقيقة النشاط السياحي بالإقليم؛ مما يثير مخاوف المستثمرين وشركات الطيران والفاعلين الاقتصاديين المحتملين.

ثلث المنشآت خارج التصنيف

إن الحقيقة التي يؤكدها الواقع الميداني، حسب تصريحات المسؤولين، هي أن ورزازات تستقبل أعدادا من السياح تفوق بكثير الأرقام المصرح بها رسميا؛ مما يدل على جاذبيتها الحقيقية كوجهة سياحية متميزة.

وفي ظل استعداد المغرب لاستضافة تظاهرات دولية وقارية مهمة، تتعالى أصوات مسؤولي قطاع السياحة مطالبة مهنيين بضرورة الشفافية في التصريح بالأرقام الحقيقية للسياح، وبذل المزيد من الجهود لتحسين جودة الخدمات والاستقبال، وتطوير البنية التحتية السياحية، لتعزيز مكانة ورزازات كوجهة سياحية رائدة تساهم بشكل فعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة وللمملكة ككل.

وتكشف الإحصائيات الرسمية، التي حصلت عليها جريدة هسبريس الإلكترونية، عن واقع مثير للقلق في قطاع الإيواء السياحي بإقليم ورزازات، حيث تشير الأرقام إلى وجود 97 مؤسسة سياحية غير مصنفة، أي ما يمثل نحو 36 في المائة من إجمالي المؤسسات السياحية بالإقليم، مقابل 172 مؤسسة مصنفة تشكل 64 في المائة من المجموع. وتتمركز غالبية هذه المؤسسات غير المصنفة في الوسط القروي.

بلغت الطاقة الإيوائية بإقليم ورزازات، إلى حدود بداية شهر أبريل الجاري، 3 آلاف و937 غرفة، أي ما يقارب 10 آلاف سرير سياحي، وهي أرقام تعكس إمكانات هائلة لاستيعاب تدفق سياحي كبير؛ غير أن التباين الكبير بين المؤسسات المصنفة وغير المصنفة يؤدي إلى تشتت في الجهود وإلى عدم استغلال هذه الطاقة الإيوائية بالشكل الأمثل. وتعمل المؤسسات غير المصنفة، التي تمثل أكثر من ثلث المنشآت السياحية بالإقليم، في الغالب خارج المنظومة الرسمية، وبالتالي لا تظهر مساهمتها الحقيقية في الإحصائيات الرسمية؛ مما يخلق فجوة بين الواقع السياحي الفعلي وبين الأرقام المعلنة.

دعوات للتصنيف ورفع المستوى

محمد أعروش، مرشد سياحي بالإقليم، قال إن دمج المؤسسات غير المصنفة في المنظومة الرسمية يشكل تحديا وفرصة في آن واحد لتطوير القطاع السياحي بورزازات؛ فمن جهة، سيؤدي تصنيف هذه المؤسسات البالغ عددها 97 منشأة، والتي تمثل 36 في المائة من النسيج السياحي، إلى رفع مستوى الخدمات وتحسين صورة الوجهة.

ومن جهة أخرى، أضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، سيسمح بإدراج كافة الليالي السياحية في الإحصائيات الرسمية؛ مما سيعكس بشكل أدق الأداء الحقيقي للقطاع، ويعزز ثقة المستثمرين والفاعلين السياحيين. ولعل الاستحقاقات الدولية والقارية التي يستعد المغرب لاستضافتها تشكل فرصة سانحة لتسريع وتيرة تأهيل هذه المؤسسات وإدماجها في منظومة متكاملة تستجيب للمعايير الدولية وتساهم في تعزيز تنافسية الإقليم كوجهة سياحية متميزة، وفق تعبيره.

وأوضح المرشد السياحي ذاته أن السياحة في إقليم ورزازات تواجه إشكالية جوهرية تتمثل في الفجوة الكبيرة بين الواقع السياحي الفعلي وبين الأرقام المعلنة رسميا؛ وذلك بسبب عدم تصريح المهنيين، سواء في المؤسسات السياحية المصنفة أو غير المصنفة، بالأعداد الحقيقية للوافدين على المنطقة.

ولفت أعروش إلى أن هذه الممارسة تؤدي إلى تسجيل مؤشرات سياحية متراجعة على المستوى الرسمي؛ في حين أن الواقع الميداني يشهد توافدا كبيرا للسياح يتجاوز بكثير الأرقام المصرح بها، مما يعني أن المؤشر الحقيقي للسياحة بالإقليم يجب أن يكون أعلى بكثير مما هو معلن عنه.

المنصة الإلكترونية.. حل لإشكالية الإحصائيات

في المقابل، قال عبد الله جابر، منعش سياحي، إن هذا التباين بين الأرقام الرسمية وبين الواقع يخلق انعكاسات سلبية متعددة على قطاع السياحة بالإقليم، إذ يؤدي إلى تقييم خاطئ لأداء القطاع وإلى قرارات استثمارية وتنموية قد لا تتناسب مع الاحتياجات الفعلية. كما أن هذا التباين يؤثر على مصداقية الإقليم كوجهة سياحية ويضعف قدرته على استقطاب المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية السياحية وفي خدمات النقل الجوي والبري؛ مما يحد من إمكانيات نموه وتطوره، على الرغم من المؤهلات الطبيعية والثقافية الهائلة التي يزخر بها، وفق تعبيره.

في ظل هذا الواقع، طالب المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، المهنيين بضرورة التصريح بالأرقام الحقيقية للوافدين على المؤسسات السياحية، داعيا الجهات الرسمية إلى خلق منصة إلكترونية مشتركة تربط بين مختلف المتدخلين؛ كالأمن الوطني والدرك الملكي ومندوبية السياحة وعمالة الإقليم، مبرزا أن هذه المنصة ستمكن من التتبع الآني والدقيق لعدد السياح الذين يتم إيواؤهم في الفنادق والمنشآت السياحية والذين يتم التصريح بهم لدى مصالح الأمن، مما سيوفر إحصائيات دقيقة ومحينة دون الحاجة إلى الاعتماد على تصريحات المهنيين.

وشدد المتحدث ذاته على أن مثل هذه المنظومة الرقمية المتكاملة ستساهم في تجاوز إشكالية عدم دقة الإحصائيات، وستمكن من رسم صورة حقيقية عن الوضع السياحي بالإقليم؛ وبالتالي اتخاذ القرارات المناسبة لتطوير القطاع وتحسين تنافسيته، خاصة في ظل الاستحقاقات الدولية والقارية التي تنتظر المملكة المغربية في المستقبل القريب.

مندوبية السياحة: أرقام رسمية وبرامج دعم

وتعليقا على الموضوع، صرح محمد الأغظف الشيخ ماء العينين، المندوب الإقليمي للسياحة بورزازات وزاكورة وتنغير، بأن الإحصائيات الرسمية لشهر فبراير من السنة الجارية تشير إلى توافد 17 ألفا و395 سائحا على الإقليم، مع تسجيل 2,391 ليلة مبيت؛ وهي أرقام تعكس الإقبال المتزايد على المنطقة كوجهة سياحية متميزة.

وأضاف محمد الأغظف الشيخ ماء العينين، في تصريح لهسبريس، أن إحصائيات السنة الفارطة أظهرت استقبال 191 ألفا و292 سائحا بمعدل مبيت يقدر بـ260 ألفا و435 ليلة، مقارنة بسنة 2023 التي شهدت استقبال 188 ألفا و868 سائحا بمعدل مبيت يقدر بـ276 ألفا و958 ليلة، موزعين بين المغاربة والأجانب؛ مما يدل على استقرار الوجهة واستمرار جاذبيتها رغم التحديات.

وأشار المندوب الإقليمي للسياحة بورزازات وزاكورة وتنغير إلى أن بعض المؤسسات السياحية غير المصنفة قد باشرت إجراءات التصنيف، في خطوة إيجابية نحو تنظيم القطاع وتحسين جودة الخدمات، داعيا جميع المهنيين غير المصنفين إلى مباشرة إجراءات التصنيف، مؤكدا أن هذه الخطوة ضرورية للانخراط الفعال في تسويق صورة جميلة وواقعية عن ورزازات وإمكاناتها السياحية الهائلة وللمساهمة في تعزيز مكانتها كوجهة سياحية رائدة على المستويين الوطني والدولي.

وشدد المسؤول الإقليمي ذاته على ضرورة ضمان استقبال جيد وتقديم خدمات مريحة وذات جودة عالية للوافدين على المنطقة، معتبرا أن تحسين تجربة السائح تشكل عاملا أساسيا في تعزيز سمعة الوجهة وضمان استدامتها، مؤكدا أن المندوبية الإقليمية بورزازات وزاكورة وتنغير تعمل بشكل متواصل على مواكبة المهنيين وتقديم الدعم اللازم لهم، سواء في إجراءات التصنيف أو في تطوير الخدمات؛ وذلك في إطار رؤية متكاملة تهدف إلى النهوض بالقطاع السياحي بالإقليم وتعزيز مساهمته في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية.

وأوضح المتحدث عينه أن الدولة وفرت مجموعة من برامج الدعم والمواكبة للمهنيين من أجل تحسين الخدمات وتطوير العرض السياحي، داعيا إياهم إلى الاستفادة من هذه البرامج والمساهمة الفعالة في عملية التصنيف باعتبارها خطوة أساسية لجعل ورزازات وجهة سياحية واعدة ومستدامة.

وأشار إلى أن جميع القطاعات المعنية، تحت إشراف عامل الإقليم، منخرطة بشكل كامل في عملية دعم التصنيف وتحسين جودة الخدمات السياحية، قصد إعطاء صورة إيجابية ومشرقة عن المدينة وتعزيز مكانتها في الخريطة السياحية الوطنية والدولية.

وأضاف أن هذا التعاون المؤسساتي يعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها السلطات العمومية لقطاع السياحة كرافعة للتنمية المستدامة بالإقليم، خاصة في ظل المؤهلات الطبيعية والثقافية والتاريخية الفريدة التي تميز المنطقة.

توصيات لتطوير العرض السياحي

في ضوء التحديات والفرص التي يشهدها قطاع السياحة بإقليم ورزازات، تبرز الحاجة الملحة إلى تبني استراتيجية متكاملة لتصنيف المؤسسات السياحية غير المصنفة والتي تمثل نسبة كبيرة من النسيج السياحي بالإقليم، أكد عبد السلام بنعمر، فاعل مهني في القطاع السياحي، الذي أبرز أن ذلك يتطلب تفعيل آليات المواكبة والدعم التي توفرها الدولة، وتبسيط المساطر الإدارية المتعلقة بالتصنيف، مع تحفيز المهنيين من خلال برامج تحسيسية وتكوينية تبرز أهمية التصنيف وانعكاساته الإيجابية على جودة الخدمات والتسويق والمردودية، كما يجب العمل على تطوير المنصة الإلكترونية المقترحة للربط بين مختلف المتدخلين، لضمان دقة الإحصائيات وشفافيتها، باعتبارها أداة أساسية لاتخاذ القرارات الاستراتيجية وجذب الاستثمارات، وفق تعبيره.

وشدد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، على أنه ينبغي تكثيف الجهود لتنويع العرض السياحي بالإقليم؛ من خلال زيادة التنشيط السياحي وخلق مسارات سياحية متنوعة تستثمر الغنى والتنوع الذي تزخر به المنطقة.

وأضاف الفاعل المهني في القطاع السياحي أن إقليم ورزازات يمتلك مؤهلات استثنائية لتطوير سياحة الواحات، مثل واحات سكورة وفينت، وسياحة الجبال في سلسلة الأطلس، وكذلك السياحة الثقافية والتاريخية من خلال المآثر التاريخية الفريدة مثل قصر آيت بنحدو المصنفة ضمن التراث العالمي لليونسكو، وقصبة تاوريرت ذات الهندسة المعمارية الفريدة.

وأوضح عبد السلام بنعمر أن هذا التنويع سيساهم في إطالة مدة إقامة السياح وزيادة الإنفاق السياحي، كما سيمكن من تخفيف الضغط على المواقع السياحية التقليدية وتوزيع المنافع الاقتصادية للسياحة على مختلف مناطق الإقليم.

وأكد أنه يتعين تطوير استراتيجية تسويقية مبتكرة تعتمد على التكنولوجيات الحديثة والتسويق الرقمي لإبراز الهوية المتميزة لورزازات كوجهة سياحية أصيلة ومتنوعة، مشيرا إلى أنه ينبغي أيضا أن تركز هذه الاستراتيجية على تسويق تجارب سياحية متكاملة تجمع بين الطبيعة والثقافة والتاريخ والترفيه، مع التأكيد على الجوانب المستدامة والمسؤولة للسياحة في المنطقة. كما يجب تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني لتنفيذ مشاريع مشتركة تهدف إلى تحسين البنية التحتية السياحية، وتأهيل المواقع السياحية، وتكوين الموارد البشرية المؤهلة؛ مما سيساهم في ترسيخ مكانة ورزازات كوجهة سياحية متميزة على المستويين الوطني والدولي، وكرافعة حقيقية للتنمية المستدامة بالإقليم، وفق تعبير الفاعل المهني في القطاع السياحي ذاته.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق التعادل الإيجابي يحسم الشوط الأول بين مصر والكاميرون في أمم أفريقيا تحت 17 عامًا
التالى بث مباشر لحظة بلحظة مباراة الزمالك ومودرن سبورت لايف online بدون تقط