في عالم الطاقة المتقلب، حيث تُبنى القرارات على توقعات الأسواق وتتحكم الأزمات الجيوسياسية في المعادلات، أطلت شركة "إيني" الإيطالية العملاقة بنتائج أعمالها للربع الأول من عام 2025، حاملة معها إشارات تحذيرية وأخرى مطمئنة، في مزيج يعكس حال صناعة النفط والغاز اليوم.
انخفاض مفاجئ في أرباح إيني
رغم أن أرباح الشركة جاءت دون توقعات المحللين، بانخفاض سنوي بلغ 11%، فإن "إيني" بدت أكثر تمسكًا بزمام المبادرة، إذ خفّضت من طموحاتها بشأن أسعار النفط خلال العام الحالي، متوقعة أن يستقر سعر خام برنت عند 65 دولارًا للبرميل بدلًا من 75، في خطوة تُمثل مراجعة جريئة للتقديرات السابقة، نتيجة تقلبات السوق وركود النمو العالمي.
تراجع التدفقات النقدية الناتجة عن العمليات إلى 11 مليار يورو
وسجل صافي الربح المعدل للشركة 1.41 مليار يورو (ما يعادل 1.6 مليار دولار) خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2025، مقارنة بـ1.58 مليار يورو في الفترة ذاتها من العام الماضي.
ويعكس هذا الأداء تأثر أرباح الشركة بانخفاض أسعار النفط، وتراجع التدفقات النقدية الناتجة عن العمليات إلى 11 مليار يورو بدلًا من 13 مليارًا كانت متوقعة.
ولم تكن هذه الأرقام مجرد نتائج فصلية تُسجل في دفاتر المحاسبة؛ بل كانت رسالة قوية من إدارة الشركة بقيادة كلاوديو ديسكالزي، الذي أكد أن "إيني" ما تزال تملك من المرونة والابتكار ما يكفي للاستمرار في توليد القيمة، رغم العواصف الاقتصادية المتكررة.
في هذا السياق، أعلنت "إيني" خفض نفقاتها الرأسمالية المخطط لها لعام 2025 إلى أقل من 6 مليارات يورو، إلى جانب إطلاق حزمة إجراءات تخفيفية بقيمة ملياري يورو، بهدف الحفاظ على التوازن المالي. كما شددت على التزامها بخطط إعادة شراء الأسهم بقيمة 1.5 مليار يورو، تأكيدًا على ثقتها في أدائها المستقبلي.
خفض نفقاتها الرأسمالية المخطط لها لعام 2025 إلى أقل من 6 مليارات يورو
هذه التطورات تضع "إيني" أمام تحديات معقدة وفرص متعددة في آنٍ معًا. فبينما تتأثر الشركة بتقلبات السوق، فإنها تراهن على تفوقها التقني ونجاحاتها في الاستكشاف، لتواصل لعب دور محوري في قطاع الطاقة العالمي.
وفي ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، والتحولات الكبرى في سياسات الطاقة حول العالم، تبقى قرارات شركات كبرى مثل "إيني" مؤثرة ليس فقط في أسواق النفط، بل في مسارات الاقتصاد العالمي برمّته.
يبقى السؤال، : "هل ستتمكن "إيني" من التكيّف مع التحولات المتسارعة والرهانات المتزايدة؟ أم أن مفاجآت السوق ستحمل في طياتها ما يصعب احتواؤه؟".
