في زمن تتسارع فيه وتيرة التواصل، ويتحول فيه الفنان من "نجم بعيد المنال" إلى "صاحب فيديوهات يومية"، لم يعد الجمهور يكتفي بالأعمال الفنية وحدها، بل بات يطالب بمزيد من القرب، التلقائية، وربما "الجرعة اليومية من العفوية".
وهنا يبرز "تيك توك" كمنصة أحدثت زلزالًا في علاقة الفنان بجمهوره، فهل ساعدته على كسر الحاجز، أم أضعفت صورته وخلعت عنه وقاره؟
كسر الحاجز… وجذب الجمهور الجديد
من الصعب إنكار أن "تيك توك" فتح بابًا واسعًا للفنانين للوصول إلى شرائح جديدة من الجمهور، خاصة من فئة الشباب والمراهقين
الفنان محمد رمضان، على سبيل المثال، يعتبر من أكثر الفنانين نشاطًا على المنصة، ويحرص دائمًا على مشاركة كواليس أعماله، لحظات من حياته اليومية، وحتى تحديات "الترند". وبالرغم من الانتقادات التي تطاله، فإن أرقامه على المنصة تشهد له بقاعدة جماهيرية ضخمة، إذ يتجاوز عدد متابعيه الملايين، ويحقق مشاهدات ضخمة في كل ظهور.
كذلك، الفنانة ميرهان حسين، التي لا تتردد في نشر مقاطع مضحكة، أو تقليد شخصيات شهيرة، ما جعلها محبوبة بين جمهور السوشيال ميديا، الذين يرون فيها "شخصية قريبة منهم"، ويثنون على روحها المرحة وعفويتها.
السوشيال ميديا كسيف ذي حدين
لكن في الجهة الأخرى، هناك من يرى أن التواجد الكثيف للفنان على "تيك توك" قد ينتقص من صورته المهنية، خاصة إذا بالغ في نشر المقاطع الساخرة أو ركض وراء "الترند" دون تروٍّ. الفنان الكبير هاني شاكر، نقيب الموسيقيين الأسبق، كان من أوائل من انتقدوا هذا التوجه، وعبّر أكثر من مرة عن استيائه من "الاستسهال" و"التنازل عن الهيبة" لدى بعض الفنانين في سبيل الشهرة اللحظية على منصات التواصل.
الفنانة إليسا، رغم نشاطها على "إنستغرام" و"تويتر"، إلا أنها ترفض الانخراط في موجة "التيك توك"، مؤكدة في تصريحات سابقة أنها تفضل أن تُعرف من خلال فنها لا من خلال فيديوهات "الترفيه السهل".
هل تغيرت صورة الفنان المثالي؟
السؤال هنا: هل تغيرت صورة "الفنان المثالي" في نظر الجمهور؟ هل لا يزال الوقار مطلوبًا كما كان في زمن عبد الحليم حافظ وأم كلثوم، أم أن الناس اليوم يفضلون الفنان الذي يشبههم، ويتحدث بلغتهم، ويشاركهم تفاصيله اليومية؟
عندما تتحول "الترندات" إلى فخ
الفنانة بسمة بوسيل، زوجة تامر حسني السابقة، وقعت ضحية "التيك توك" مؤخرًا، بعد نشرها لفيديو أثار الجدل وتسبب في انتقادات واسعة من الجمهور الذي رآه "مبالغًا فيه" وغير مناسب لتاريخها أو وضعها العام، ما أجبرها على حذف الفيديو وتبرير الموقف لاحقًا.
وبالمثل، واجهت الفنانة سارة سلامة انتقادات لاذعة بعد مشاركتها في تحدٍ راقص على "تيك توك"، واعتبر البعض أن ما قامت به يسيء لصورتها كممثلة، خاصة بعد ابتعادها لفترة عن الساحة.
الفن في زمن السوشيال ميديا
لا يمكن تجاهل أن "تيك توك" أصبح لاعبًا أساسيًا في تشكيل صورة الفنان، لكن يبقى على الفنان نفسه أن يدير حضوره بذكاء. فالمطلوب اليوم ليس فقط أن يكون فنانًا موهوبًا، بل أيضًا "صانع محتوى" يعرف متى يتكلم، وكيف يظهر، وأين يضع قدمه في هذا الحقل الممتد من الألغام والفرص.