افتتح المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الجمعة، برنامجه التواصلي بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي ينظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، بتقديم حصيلة إنجازاته، ومناقشة آفاق برامجه المستقبلية.
وقال منير المنتصر بالله، الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في مداخلة له بالمناسبة، إن “المجلس يعتبر مشاركته بالمعرض مجالا لحوار حيوي بين العدالة والمجتمع للوقوف على مسيرة إصلاح تعانق فيها القيم الدستورية تطلعات المواطن”.
وبعد استعراضه اختصاصات المجلس التي رسخها دستور 2011، أوضح المنتصر بالله أن “المجلس رسم لنفسه على امتداد السنوات الأربع الأولى من ولايته (2021-2024) مسارا استراتيجيا يرتكز على النجاعة والرقمنة والانفتاح، تمخضت عنه 20 قرارا استراتيجيا في مجال التنظيم القضائي وتعزيز آليات الحكامة، و9 اتفاقيات شراكة دولية تم توقيعها مع هيئات عليا ومجالس قضائية من أوروبا وآسيا”.
وأوضح أن “المجلس الأعلى للسلطة القضائية لا ينظر إلى الإصلاح كحزمة قرارات ظرفية، بل كمشروع حضاري يتطلب رؤية استراتيجية ومأسسة للنجاعة”، مضيفا أن “سنة 2024 شاهد على هذا التوجه، أما السنوات المقبلة فستكون لا محالة موعدا مع مزيد من التحولات في سبيل عدالة دستورية حديثة، مستقلة، ناجعة، ومنفتحة على قضايا المجتمع وهموم المواطن”.
من جانبه، قسم شكير فتوح، مدير قطب الدراسات والشؤون القانونية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، المراحل التي عرفها المجلس منذ إحداثه سنة 2017 إلى ثلاث مراحل أساسية، تمتد الأولى من سنة التأسيس إلى سنة 2021، بينما عُرفت الثانية بمرحلة استكمال البناء المؤسساتي للسلطة القضائية.
وبخصوص المرحلة الثالثة، قال فتوح إنها “المرحلة الحالية، وخلالها فتح المجلس أوراشاً استراتيجية كبرى ومهيكلة ترمي إلى تنزيل الرؤية الملكية السديدة في مجال إصلاح القضاء لجعله عاملاً محفزاً للتنمية، وإنجاح النموذج التنموي الجديد”.
وهمت الأوراش، يتابع المتحدث نفسه، “مجال النجاعة القضائية، حيث انكب المجلس على تنزيل مبدأ الأجل المعقول، محددا آجالا استرشادية للبت في القضايا، ومجال التحديث والرقمنة، ومجال التكوين، ومجال التواصل، فضلا عن تعزيز تواجد المجلس في المشهد المؤسساتي”.
من جهتها اعتبرت أمال لمنيعي، رئيسة قطب التكوين والتعاون بالمجلس، أن “العنصر البشري هو جوهر كل إصلاح، وعموده الفقري، انطلاقا من إيمان المجلس الراسخ بأن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الإنسان، أي في القاضي، ليس فقط لكونه يمارس مهمة القضاء، ولكن لكونه الشريك الأساسي في تنزيل رؤية عدالة حديثة، فعالة وإنسانية”.
وأبرزت لمنيعي أن “التكوين المستمر والتخصصي هو المفتاح لترسيخ هذا النموذج، وتقوية أسسه، وتمكين القاضي من تملك الأدوار الجديدة المنوطة به في ظل عدالة متجددة ومتطورة”، قبل أن تضيف أن “التكوين ليس محطة عابرة، بل مسار مستمر لصقل الكفاءات وتعزيز القيم، يبدأ من بداية الالتحاق بالمعهد كملحق قضائي إلى نهاية المسار المهني، وهو ما جسده المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية”.
وشكلت الندوة الافتتاحية للبرنامج التواصلي للمجلس مناسبة للحوار حول مظاهر الاستقلال المالي والإداري للمجلس، حيث أوضح عبد القادر شيخي، رئيس شعبة الشؤون المالية للقضاة بالمجلس، أن “نجاح أي هيئة أو مؤسسة وكل جهة معهود لها بتدبير الشأن العام في تحقيق أهدافها بالفعالية والنجاعة المطلوبين رهين بحجم ونوعية الإمكانيات المادية والبشرية الموضوعة رهن إشارتها، وقدرتها على استغلال واستعمال هذه الإمكانيات بفعالية ووفق ضوابط وقواعد الحكامة الجيدة”.
وأضاف أن “الموارد البشرية بالمجلس عرفت تطوراً ملحوظاً، خلال الفترة الممتدة من سنة 2017 إلى سنة 2024، ذلك أن العدد الإجمالي للعاملين بالمجلس انتقل سنة 2017 من 40 عاملا، يتكونون فقط من قضاة وموظفين في وضعية إلحاق أو موضوعين رهن الإشارة، إلى 495 عاملا حسب آخر الإحصائيات المنجزة إلى غاية منتصف أبريل الجاري، دون احتساب أفراد القوات المساعدة البالغ عددهم 90 عنصرا، ليكون بذلك المجموع الإجمالي هو 585”.