في خطوة لافتة تعكس تحوّلًا في السياسة الروسية تجاه أفغانستان، أعلنت المحكمة العليا الروسية، الخميس، رفع حركة "طالبان" من قائمة المنظمات الإرهابية، بعد عقدين من تصنيفها كتنظيم محظور بموجب القانون الروسي.
يأتي هذا القرار استجابةً لطلب رسمي تقدّم به المدعي العام الروسي، إيجور كراسنوف، في نهاية مارس الماضي، داعيًا إلى إلغاء الحظر المفروض على "طالبان" منذ عام 2003، وهي الخطوة التي أثارت تساؤلات واسعة حول دوافعها وتوقيتها، خاصة في ظل استمرار الحركة في فرض سيطرتها على أفغانستان منذ انسحاب القوات الأميركية في أغسطس 2021.
من التصنيف الإرهابي إلى الاعتراف الواقعي
رغم بقاء طالبان لعقود على قوائم الإرهاب الروسية، كانت موسكو من أوائل العواصم التي فتحت قنوات دبلوماسية مع الحركة، واستضافت وفودها في عدة مؤتمرات ولقاءات رسمية، وهو ما بدا تناقضًا صارخًا مع الإطار القانوني السابق الذي يجرّم أي تعامل مع منظمات مصنفة كإرهابية.
وبرّرت روسيا هذا الانخراط بضرورات "الواقعية السياسية"، مؤكدة أن التعامل مع من يسيطر فعليًا على الأرض بات ضرورة لضمان استقرار المنطقة، ومحاربة التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب وتهريب المخدرات.
تقارب استراتيجي
يُنظر إلى قرار المحكمة العليا الروسية في سياق تحوّل تدريجي نحو الاعتراف العملي بحركة طالبان كسلطة أمر واقع، خاصة بعد الانسحاب الغربي من أفغانستان، وعودة الاهتمام الإقليمي بدور موسكو كلاعب سياسي وأمني في آسيا الوسطى.
ويمنح هذا القرار غطاءً قانونيًا رسميًا للانخراط الروسي مع طالبان، سواء في التنسيق الأمني، أو دعم المشاريع الإقليمية، أو حتى في محاولة الحدّ من النفوذ الأميركي السابق في الملف الأفغاني.
كما يُفسّر كجزء من سياسة روسية أوسع لملء الفراغ الدبلوماسي في المناطق المتنازع عليها جيوسياسيًا.