تم خلال ندوة في مونتريال، السبت، تسليط الضوء على الجهود التي يبذلها المغرب من أجل مكافحة خطاب الكراهية.
وخلال هذا اللقاء، الذي حضره عدد من الخبراء، أكدت عائشة حدو، رئيسة مركز “تعارف” التابع للرابطة المحمدية للعلماء، أن المغرب في مواجهة تنامي خطاب الكراهية على الإنترنت في عصر الذكاء الاصطناعي ينخرط بشكل فاعل، وذلك بفضل ترسانة قانونية قوية، والاستخدام الإستراتيجي للذكاء الاصطناعي للكشف عن المحتوى غير القانوني، والتعبئة الفاعلة لمؤسسات من قبيل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والرابطة المحمدية للعلماء.
وأضافت حدو، خلال هذا المؤتمر الذي نظمه المركز الثقافي المغربي (دار المغرب) وسفارة المغرب بكندا، أن الرابطة المحمدية للعلماء توجد في صلب العمل الهادف إلى مكافحة خطاب الكراهية، وتنخرط في مسار تفكيك الرسائل العنيفة والتمييزية على أساس الدين، وذكرت، في هذا الصدد، بأن المملكة تتبنى مقاربة مندمجة تجمع بين الإطار التنظيمي والتعليم والوقاية والابتكار.
وأشارت المتحدثة أيضا إلى أن المغرب، بصفته أول بلد إفريقي يطبق توصيات اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، يؤكد إرادته بناء فضاء رقمي أكثر أمانا وشمولا واحتراما لحقوق الإنسان.
ورغم هذا الالتزام القوي أبرزت حدو أن تطبيق القوانين يصطدم بالعديد من التحديات، ولاسيما سرعة انتشار المحتوى المحرض على الكراهية، وإخفاء هوية مرتكبي هذه الأفعال، والتطور الدائم للمنصات الرقمية، ما يستدعي الملاءمة المستمرة للأطر القانونية.
كما تطرقت المتحدثة إلى إقدام مستخدمي الإنترنت، بشكل مستمر، على تطوير إستراتيجيات التحايل (اللغات المشفرة، والرموز التعبيرية، واللهجات أو التعديلات الإملائية)، ما يحد، في كثير من الأحيان، من فعالية آليات الإشراف على الخوارزميات.
وفي هذا السياق دعت حدو إلى استخدام ذكاء اصطناعي أخلاقي ومسؤول، في خدمة العيش المشترك، ويعد رافعة إستراتيجية للوقاية والتنظيم القانوني والحماية في الفضاء الرقمي.
من جانبه، أبرز باتريس برودور، الأستاذ بمعهد الدراسات الدينية بكلية الآداب والعلوم بجامعة مونتريال، أن خطابات الكراهية تساهم بشكل مباشر في الحيف والتمييز المرتبط بمختلف أشكال العنصرية، سواء على مستوى العلاقات الشخصية أو بين المنظمات، وقال إن “أحدث ثورة تكنولوجية، والذكاء الاصطناعي، ولاسيما من خلال منصات الذكاء الاصطناعي التوليدية الجديدة، تعد مصدرا لتعقيد تنامي خطابات الكراهية، لكنها أيضا تشكل مصدرا محتملا للحلول من أجل تقييم هذا الخطاب والتحكم فيه بشكل أفضل، بهدف محاسبة المجرمين على أفعالهم”.
من جانبها أكدت مديرة “دار المغرب”، هدى الزموري، أن المغرب، الوفي لتقاليده العريقة القائمة على الانفتاح والتسامح والتعايش السلمي، جعل العيش المشترك، على الدوام، في صلب هويته.
وأضافت الزموري أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، عمل على تعزيز هذا التراث من خلال سياسات قوية لصالح حوار الأديان والاعتراف بالهويات المتعددة ومكافحة جميع أشكال التمييز، وقالت إن “هذه القيم يجب أن تستمر، اليوم، في توجيه عملنا في الفضاء الرقمي، لأنه إذا كان خطاب الكراهية ينتشر على المنصات الإلكترونية بشكل أسرع من أي وقت مضى فمن واجبنا أيضا أن نواجهه بخطاب مضاد يقوم على الاحترام، والكرامة الإنسانية والمسؤولية الجماعية”.