يترقب العالم الاقتصادي اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، المقرر في 17 أبريل 2025، وسط توقعات متباينة من كبرى المؤسسات المالية الدولية حول مصير أسعار الفائدة، حيث يأتي هذا الاجتماع في ظل ارتفاع مفاجئ في التضخم إلى 13.1% في مارس 2025.
عودة التضخم للارتفاع من جديد يضع البنك المركزي أمام اختبار دقيق لتحقيق التوازن بين كبح الضغوط السعرية ودعم النمو الاقتصادي، وبينما تظل أسعار الفائدة عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، تتباين الرؤى حول ما إذا كانت مصر ستبدأ دورة تيسير نقدي أم ستميل إلى الحذر.
التضخم والتعريفات الجمركية تربك حسابات أسعار الفائدة
وفقا لأحدث تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع معدل التضخم السنوي في إجمالي الجمهورية إلى 13.1% في مارس 2025، مقارنة بـ12.5% في فبراير، وفي المدن، سجل التضخم 13.6%، مدفوعا بزيادة أسعار الغذاء والمشروبات بنسبة 3.5% على أساس شهري.
على الجانب الآخر، تراجع التضخم الأساسي إلى 9.4% في مارس، وفقا للبنك المركزي المصري، مما يعكس تباينا في ديناميكيات الأسعار، وهذه البيانات تضع ضغوطا متجددة على صانعي السياسة النقدية، خاصة بعد توقعات سابقة باستمرار انخفاض التضخم إلى ما دون 12%.
في الوقت نفسه، يدعم تحسن احتياطي النقد الأجنبي، الذي بلغ 47.757 مليار دولار في مارس 2025، استقرار السوق المالية، لكنه لا يزال عرضة لمخاطر خارجية، مثل التوترات التجارية العالمية بين الولايات المتحدة والصين، التي رفعت التعريفات الجمركية إلى مستويات قياسية حيث بلغت 104% و84% على التوالي، هذه العوامل تشكل خلفية معقدة لقرار البنك المركزي المقبل.
توقعات المؤسسات الدولية لاجتماع البنك المركزي المقبل
قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المقرر عقده 17 إبريل المقبل لتحديد سعر الفائدة، كشفت عدد من المؤسسات الدولية المالية عن توقعاتها بشأن أسعار الفائدة والتي ذهبت غالبيتها إلى تثبيت سعر الفائدة والتيسير الحذر.
1. فيتش سوليوشنز: الحذر يسيطر على التوقعات
في تقريرها الأخير، عدلت وحدة الأبحاث في فيتش سوليوشنز توقعاتها لتعكس تأثير ارتفاع التضخم، فبدلا من خفض متوقع بنسبة 3% في أبريل، ترجح المؤسسة الآن تثبيت أسعار الفائدة عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، مشيرة إلى أن الضغوط التضخمية المستمرة تتطلب مزيدا من الاستقرار قبل أي تيسير نقدي.
ومع ذلك، تتوقع فيتش أن يبدأ البنك المركزي خفض الفائدة في يونيو 2025 بنسبة 2%، مع تخفيضات تراكمية تصل إلى 9% بحلول ديسمبر، لتستقر الفائدة عند 18.25% للإيداع، وتستند هذه الرؤية إلى توقعات بانخفاض التضخم إلى 10.5% بنهاية السنة المالية 2025-2026، مدعوما باستقرار أسعار السلع الأساسية عالميا.
2. جولدمان ساكس: خفض تراكمي لأسعار الفائدة
حافظت جولدمان ساكس على رؤيتها الطموحة طويلة الأمد، متوقعة انخفاض أسعار الفائدة إلى 13% بحلول ديسمبر 2025، أي خفضا تراكميا بنسبة 14.25%، ولكنها استبعدت أي خفض في أبريل، مشيرة إلى أن ارتفاع التضخم إلى 13.6% في المدن يتطلب مراقبة إضافية.
وترى المؤسسة أن تحسن تدفقات الاستثمار الأجنبي، خاصة بعد اتفاقيات الاستثمار مع دول الخليج في 2024، يمنح البنك المركزي مساحة للتيسير النقدي لاحقا في 2025، لكنها تحذر من مخاطر التقلبات العالمية التي قد تعيق هذا المسار.
3. مورجان ستانلي: نهج تدريجي مع ترقب البيانات
في تحليلها الأخير، رجحت مورجان ستانلي تثبيت أسعار الفائدة في أبريل، مع احتمال خفض طفيف بنسبة 1% في مايو إذا أظهرت بيانات التضخم لأبريل تباطؤا إلى ما دون 13%.
وتتوقع المؤسسة خفضا تراكميًا بنسبة 10% خلال العام المالي الحالي، لتصل الفائدة إلى 17.25% بحلول ديسمبر 2025، وتستند هذه التوقعات إلى انخفاض متوقع في التضخم إلى نطاق 12-13% بحلول منتصف 2025، مدعوما بتحسن العرض المحلي للسلع الغذائية واستقرار أسعار الطاقة.
4. كابيتال إيكونوميكس: خفض كبير على المدى المتوسط
توقعت كابيتال إيكونوميكس خفضا تراكميا بنسبة 16% خلال 2025، وهي أعلى نسبة بين التوقعات، لكنها ترى أن اجتماع أبريل سيشهد تثبيتا للفائدة بسبب الارتفاع غير المتوقع في التضخم.
وتشير المؤسسة إلى أن استقرار سوق الصرف بعد تحرير الجنيه في 2024، إلى جانب زيادة الاحتياطي الأجنبي، يمهد لتخفيضات كبيرة في النصف الثاني من العام، لتصل الفائدة إلى 11.25% بحلول ديسمبر 2025، بشرط تراجع التضخم إلى 9%.
5. جي بي مورجان: توازن دقيق مع خفض محدود
توقعت جي بي مورجان خفضا محدودا بنسبة 2% في أبريل، لتصل الفائدة إلى 25.25% للإيداع، مع تخفيضات إجمالية بنسبة 4% خلال 2025.
,ترى المؤسسة أن البنك المركزي قد يختار خطوة رمزية لإظهار مرونته، لكنها تحذر من أن ارتفاع أسعار الغذاء قد يحد من هذا الخفض، كما تتوقع جي بي مورجان أن يتراجع التضخم إلى 11.5% بحلول نهاية 2025، مما يتيح مساحة أكبر للتيسير النقدي في 2026.
بين التحفيز والحذر.. ما هي التأثيرات المتوقعة؟
تتفق المؤسسات الدولية على أن قرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل سيحدد وتيرة السياسة النقدية للنصف الأول من 2025، حيث أن تثبيت الفائدة قد يعزز الثقة في استقرار الجنيه، لكنه قد يثقل كاهل القطاعات المنتجة التي تعاني من ارتفاع تكاليف الاقتراض.
في المقابل، خفض الفائدة، حتى لو كان محدودا، قد يحفز الاستثمار والاستهلاك، لكنه يحمل مخاطر إذا استمر التضخم في الارتفاع.
وتؤكد فيتش سوليوشنز وكابيتال إيكونوميكس أن استقرار سوق الصرف وتحسن الاحتياطي الأجنبي يمنحان البنك المركزي هامشا للمناورة، لكن جولدمان ساكس وجي بي مورجان تحذران من أن التوترات الجيوسياسية والتجارية قد تزيد الضغوط على أسعار السلع المستوردة، مما يعقد قرارات التيسير.
بينما ترى مورجان ستانلي أن أي خفض في أبريل سيكون رمزيا، مع تركيز البنك على مراقبة بيانات التضخم لمايو ويونيو المقبلين.
التضخم وتثبيت سعر الفائدة
يعد اجتماع 17 أبريل 2025 محطة حاسمة في مسار السياسة النقدية المصرية، مع ارتفاع التضخم إلى 13.1%، تميل غالبية المؤسسات الدولية نحو توقع تثبيت الفائدة، باستثناء جي بي مورجان التي ترجح خفضا محدودًا.
على المدى الطويل، تتفق المؤسسات على أن مصر ستشهد تيسيرا نقديا خلال 2025، لكن وتيرته ستعتمد على استقرار الأسعار وتطورات الاقتصاد العالمي.
ووسط هذه التحديات، يواجه البنك المركزي المصري مهمة معقدة لتحقيق التوازن بين دعم النمو والحفاظ على استقرار الأسواق، ولكن هل ستنخفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل، ام سيتراجع البنك المركزي ويلجأ للتثبيت بعد ارتفاع معدلات التضخم في مارس؟.. هذا ما ستكشف عنه الساعات المقبلة
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
