في قلب صعيد مصر، حيث تتشابك خيوط التاريخ مع طموحات المستقبل، أعلن الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، عن إطلاق مشروع ريادي يحمل في طياته وعودا بتحول اقتصادي واجتماعي غير مسبوق.. مدينتان صناعيتان متكاملتان للصناعات النسيجية، تقومان في محافظتي المنيا والفيوم، لتشكلا معا نواة لنهضة صناعية تستهدف إعادة تعريف مكانة مصر كمركز عالمي لإنتاج المنسوجات.
هذا الإعلان، الذي جاء في مؤتمر صحفي عقد اليوم السبت، ليس مجرد خطوة تنموية، بل رؤية استراتيجية تهدف إلى تنمية الصعيد، وتعزيز الاقتصاد الوطني، واستعادة إرث مصر العريق في صناعة النسيج.
تفاصيل اطلاق مدينتين للصناعات النسيجية في الصعيد
في هذا التقرير، نستعرض مع قراء بانكير تفاصيل مشروع اطلاق مدينتين للصناعات النسيجية في الصعيد، مستعرضين أبعاده الاقتصادية والاجتماعية، ودوره في إعادة تشكيل المشهد الصناعي المصري.
أولا: المدينة النسيجية بـ وادي السريرية
تقع المدينة الصناعية الأولى في منطقة وادي السريرية بمحافظة المنيا، على مساحة شاسعة تبلغ 5.5 مليون متر مربع، بتكلفة إنشائية تصل إلى 12 مليار جنيه، وصممت هذه المدينة لتكون نموذجا متكاملا للصناعات النسيجية، حيث ستضم مصانع متخصصة في الغزل والنسيج والصباغة والتجهيز، بالإضافة إلى خطوط إنتاج الملابس الجاهزة.
ويتميز مشروع المدينة النسيجية بـ وادي السريرية، بتركيزه على البنية التحتية المتطورة، التي تشمل محطات معالجة مياه متطورة، وشبكات طاقة مستدامة، وطرق داخلية تسهل النقل والتصدير.
ثانيا: المدينة النسيجية بالفيوم.. بوابة للصادرات العالمية
في محافظة الفيوم، وتحديداً في المنطقة الصناعية الشمالية، ستقام المدينة الثانية على مساحة مماثلة تبلغ 5.5 مليون متر مربع، بتكلفة إنشائية تقدر بـ15 مليار جنيه، ويرتفع إجمالي الاستثمار في المدينتين إلى 27 مليار جنيه، مما يعكس حجم الطموح الكامن وراء المشروع.
وتتميز مدينة الفيوم بموقعها الاستراتيجي القريب من شبكات النقل الرئيسية، مما يجعلها مركزا مثاليا لتصدير المنتجات النسيجية إلى الأسواق العالمية، مع الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط مصر بدول الاتحاد الأوروبي وأفريقيا.
نظام المطور الصناعي لتنفيذ مدينتي المنسوجات بالصعيد
في خطوة تعكس نهجا حديثا في إدارة المشروعات الصناعية، اعتمدت الحكومة نظام المطور الصناعي لتنفيذ المدينتين، ويتيح هذا النظام لشركات القطاع الخاص تخطيط المدن وتطويرها وإدارتها، بدءاً من إنشاء البنية التحتية، وصولاً إلى تسويق الوحدات الصناعية للمستثمرين المحليين والدوليين.
وأكد الوزير كامل الوزير، أن هذا النموذج يهدف إلى ضمان الكفاءة والاستدامة، مع تقليل الأعباء الإدارية على الدولة.
وأشار إلى أن التزامات المطور الصناعي تتضمن توفير خدمات لوجستية متكاملة، وتطبيق معايير بيئية صارمة، بالإضافة إلى تقديم حلول تمويلية مبتكرة للمستثمرين، متوقعا أن يسهم هذا النظام في جذب كبرى الشركات العالمية، التي أبدت اهتماما متزايدا بالسوق المصرية بعد نجاح مشروعات مماثلة في قطاعات أخرى.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي.. تمكين الصعيد
عائد اقتصادي كبير تشهده صناعة الغزل والنسيج في مصر، نتيجة اطلاق مشروع مدينتين للصناعات النسيجية في الصعيد منها الآتي:
فرص عمل مستدامة
يعد قطاع الصناعات النسيجية من أكثر القطاعات كثافة في العمالة، مما يجعل المدينتين بمثابة محرك للتوظيف في الصعيد، وتشير التقديرات الأولية إلى أن المشروع سيوفر أكثر من 50 ألف فرصة عمل مباشرة ومئات الآلاف من الفرص غير المباشرة، خاصة في قطاعات النقل والتوزيع والخدمات المساندة، ومع التركيز على تدريب الشباب المحلي، ستعمل المدن على بناء قوى عاملة مؤهلة قادرة على مواكبة متطلبات السوق العالمية.
تعزيز سلاسل التوريد المحلية
يمتد أثر المشروع إلى ما هو أبعد من حدود المدينتين، حيث سيعزز من إحياء زراعة القطن المصري، الذي يعد أحد أجود أنواع القطن في العالم، من خلال ربط المزارعين بالمصانع، ستعمل المدن على خلق سلسلة إمداد متكاملة، تبدأ من الحقول وتنتهي بمنتجات جاهزة للتصدير، هذا التكامل سيقلل من الاعتماد على المواد الخام المستوردة، ويعزز من القيمة المضافة للاقتصاد المصري.
مصر مركزا عالمياً لصناعة النسيج
يندرج إطلاق المدينتين ضمن استراتيجية قومية أوسع تهدف إلى تطوير قطاع الصناعات النسيجية، الذي يُعد أحد أعمدة الاقتصاد المصري، ومن خلال الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة، تسعى مصر إلى زيادة صادراتها النسيجية لتصل إلى 11.5 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030، وفقاً لتصريحات الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل.
كما يعكس المشروع التزام الدولة بتنويع هيكل اقتصادها، والحد من الاعتماد على القطاعات التقليدية مثل السياحة والطاقة لتوفير العملة الأجنبية.
وعلى المستوى الإقليمي، يهدف المشروع إلى وضع مصر كمنافس قوي في سوق المنسوجات العالمية، التي تشهد طلبا متزايدا على المنتجات المستدامة عالية الجودة، ومع تبني تقنيات تصنيع صديقة للبيئة، تتطلع المدينتان إلى استقطاب العلامات التجارية العالمية التي تبحث عن شركاء إنتاج موثوقين.
مصر.. تعيد صناعة النسيج لسابق عصرها
إطلاق المدينتين النسيجيتين في المنيا والفيوم ليس مجرد مشروع صناعي، بل هو استثمار في أحلام أبناء الصعيد وطموحات مصر، بين خيوط القطن وآلات الغزل، تُنسج قصة نهضة اقتصادية تجمع بين الماضي العريق والمستقبل الواعد.
ومع بدء العمل في هاتين المدينتين، تتجه الأنظار نحو صعيد مصر، ليس فقط كأرض للزراعة والتراث، بل كمركز للابتكار والصناعة، يحمل بصمة مصرية خالصة إلى العالم.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
