أخبار عاجلة

غزة تنزف ومصر تُجلد.. وسيط في زمن التشكيك

غزة تنزف ومصر تُجلد.. وسيط في زمن التشكيك
غزة تنزف ومصر تُجلد.. وسيط في زمن التشكيك

في خضم الحرب المشتعلة في غزة، تتعرض مصر لانتقادات حادة من أطراف متعددة، بعضها يتهمها بالتواطؤ، وبعضها الآخر يُحملها مسؤوليات تفوق قدرتها كدولة من دول العالم الثالث. 

وبين هذا وذاك، تغيب عن كثيرين حقيقة بالغة الأهمية، أن مصر ليست القوة العظمى التي يمكنها فرض إملاءاتها على إسرائيل، ولكنها في نفس الوقت، تبذل من الجهد والصبر ما لا يراه إلا من يتجرد من العاطفة وينظر للصورة كاملة.

مصر، بحكم موقعها الجغرافي كجارة مباشرة لغزة، وكونها دولة عربية يعتبر الاحتلال الإسرائيلي عدوًا لها تاريخيًا، تجد نفسها في موقع شديد الحساسية. 

فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار عن أن مصر طلبت من حركة حماس تسليم السلاح لوقف الحرب، وتبع ذلك حملة تشويه كبيرة للقاهرة، رغم أن تلك الأخبار على غير الحقيقة فقد ردت حركة حماس بأن طلب تسليم السلاح هو طلب إسرائيلي وليس من مصر.

والحقيقة الغائبة أو المعروفة ولكن الجميع يتجاهلها، أن مصر ليست طرفًا حرًا في اتخاذ قرارات عنترية قد تحسب عليها سياسيًا أو إنسانيًا. 

وأي خطوة متهورة قد تجر الويلات على الجميع، وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني نفسه.

ورغم ظروفها الاقتصادية الصعبة، وافتقارها لأوراق الضغط التي تمتلكها بعض القوى الأخرى، مثل البترول أو التهديد بقطع المعونات، إلا أن مصر ظلت منذ بداية الحرب تقدم المقترحات، تفتح المعابر، وتُدخل المساعدات، وتنسق لوقف إطلاق النار. 

وأكثر من 80% من المساعدات التي دخلت غزة كانت مصرية، وهو رقم لا يستهان به في ظل ما تعانيه مصر داخليًا من أزمات معيشية وارتفاعات أسعار ترهق المواطن المصري يوميًا.

المؤسف أن البعض يهاجمها لمجرد نقلها لاقتراح إسرائيلي، وكأن المطلوب منها أن تخفي الحقائق مراعاةً لمشاعر طرف دون الآخر. 

وهل مهمة الوسيط أن يكذب؟ أم أن يكون ناقلًا أمينًا لما يُطرح على الطاولة، حتى وإن كان قاسيًا أو مرفوضًا؟ مصر لا توقع أحدًا في أحد، بل تحاول الحفاظ على الخيط الأخير من الحوار في وقت أصبح فيه الصوت الأعلى هو صوت القنابل والصواريخ.

ومع ذلك، لم تسعَ مصر يومًا لفرض حل يُذل المقاومة أو ينتقص من كرامة الفلسطينيين. 

بل على العكس، كل مبادراتها كانت تحفظ ماء الوجه وتراعي الثوابت الوطنية الفلسطينية. 

ورفضت أن تكون "عرّة" كما وصفها البعض، وأصرت على أن تكون وسيطًا نزيهًا، ولو كلفها ذلك خسارة رضا هذا الطرف أو ذاك.

الحقيقة المؤلمة أن الجميع في مأزق، الفلسطينيون الذين يُذبحون يوميًا تحت القصف، والمصريون الذين يعيشون ضغطًا داخليًا هائلًا، والدولة المصرية التي تحاول أن تمسك العصا من المنتصف في وقت لم يعد فيه منتصف واضح.

هذا زمن غريب، من يقول الحقيقة يُتهم بالتطبيل، ومن يصرخ بالكذب يُعتبر مناضلًا، فهل المطلوب أن تغض مصر الطرف عن الواقع فقط لكي لا تُهاجم؟ وهل العدالة تقتضي أن نحاسب دولة تعاني أوضاعا اقتصادية فرضتها عليها تلك الحرب المدمرة، محاصرة اقتصاديًا، بنفس معاييرنا لمحاسبة دولة عظمى؟

إن الهجوم على مصر بهذا الشكل لن يخدم إلا الاحتلال، وسيكسر الحلقة الأخيرة التي ما زالت تحاول أن تصنع فارقًا ولو محدودًا على الأرض. 

فلنكن منصفين، مصر ليست عدوكم، وإن كنتم لا تستطيعون دعمها، فلا تكونوا عونًا على ذبحها معنويًا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق استمرار فتح ميناء رفح البري للشهر الثاني على التوالي
التالى تعرف على إيرادات فيلم نجوم الساحل