أخبار عاجلة

تجربة ياسين عدنان بمعرض الرباط

تجربة ياسين عدنان بمعرض الرباط
تجربة ياسين عدنان بمعرض الرباط

تقدم دار “العائدون للنشر” الأردنية، بالاشتراك مع كلية اللغة العربية بمراكش التابعة لجامعة القاضي عياض، في معرض الكتاب بالرباط، الطبعة العربية لكتاب “التداخل الأجناسي في التجربة الإبداعية لياسين عدنان”.

ويضم الكتاب بين دفّتيه مداخلات الندوة العلمية التي نظمها في شهر ديسمبر المنصرم “مختبر تكامل المناهج في تحليل الخطاب” التابع للكلية، الذي يديره الدكتور سعيد العوادي؛ فيما أشرف على تنسيقه كلٌّ من د.عبد الرحمان إكيدر ود.عبد الفتاح شهيد، إلى جانب الراحلة الدكتورة عتيقة السعدي التي وافتها المنية قبل صدور العمل.

وشارك في هذا الكتاب الجماعي المُحكَّم ثلة من الأكاديميين المغاربة، من بينهم عميد كلية اللغة العربية د.أحمد قادم، د. حورية الخمليشي، د. حسن المودن، د.عزيز لزرق، د. إدريس الخضراوي، د.هشام موساوي، د. فيصل أبو الطفيل، د. أمل بنويس، إضافة إلى مُنسِّقِي العمل.

نصّ تقديم الكتاب:

شكّل سؤال الجنس الأدبي على الدوام سؤالا مركزيا في النظرية الأدبية، لما يثيره من قضايا جوهرية متعلّقة بالنص وخصائصه النوعية، وبأسئلة الكتابة والتلقي، فهو يصبُّ مباشرةً في ماهية النص الإبداعي، ويُسائل رغبته في الخضوع أو الانفلات من قيد النّمذَجة الأجناسية المُسبَقة التي تسعى إلى ترسيخ نقاء الأجناس وصفائها. فرَسْمُ حدودٍ واضحة لأشكال الكتابة كان ديْدنَ النقد الأدبي قديمِه وحديثه. ولعل وجود الخانة الفارغة لأرسطو كان ينبئ بالعُسر الذي سيُلاقيه المتعرّضون لسؤال التجنيس؛ لأن هناك مكانا دائما لتشكُّل جنس أدبي لا يشبه الأجناس الثلاثة السابقة (الغنائي – الملحمي-الدرامي). ورغم ذهاب العديد من المنظّرين إلى اعتبار الرواية الجنس الأدبي الذي يشغل تلك الخانة الفارغة إلّا أنّ الثابت أنّ الخانة تسَعُ كلّ نوع أدبي ينفلت من سلطة القواعد والمحدّدات المعيارية السابقة.

يبدو إذن أن إشكالية الجنس الأدبي قديمة جدًّا، وأنّ الأسئلة المتناسلة عنها هيمنت لفترة طويلة على المشتغلين في ميدان الأدب والنقد؛ ومن ذلك ما ذهب إليه تزفيتان تودوروف Tzvetan Todorov حين أكّد أنّ مسألة الأجناس الأدبية “تُعدّ من مشاكل الشعرية؛ ومنذ القديم حتى يومنا هذا لم يكُفَّ تعريف الأجناس، عددها، والعلاقات المشتركة بينها أبدًا عن إثارة النقاش”. فإذا كانت الشعرية القديمة قد نحَتْ في مجملها نحو مقولة صفاء الجنس الأدبي، فإنّ الوعي النقدي والجمالي الحداثي تحوّل تجاه فرضية تدمير الحدود بين الأجناس، ومن ثمة تنافُذها في ما بينها؛ ومن بين هؤلاء الذين يحملون هذه الرؤية الجذرية نجد الناقد موريس بلانشو Maurice Blanchot الذي أقرّ بأن “وحدَهُ الكتاب يهمّ، بما هو عليه، بعيدا عن الأجناس، وخارج خانات: النثر، الشعر، الرواية، الشهادة…التي يفترض أن ينتظم تحتها، رافضا سلطتها المتقصّدة إلى أن تثبّته في موضع، وتحدّد له شكلا. إنّ الكتاب لم يعد ينتمي إلى جنس أدبي، فكل كتاب ينتسب للأدب وحده”.

وتُعدّ تجربةُ ياسين عدنان الأدبية نموذجيةً لاستثارة أقلام النقاد في هذا الباب، فالرّجل يكتب شعرًا يستمدُّ قوّتهُ من الخاصّية السّردية، حتى إنّ هناك من عَـدَّ قصيدتَهُ “قصيدة سرد” لا قصيدة نثر، وهناك من أكّد على “سير ذاتية السرد الشعري” في قصيدته. كما أسهم عدنان في هدم الحدود بين الأجناس الشعرية والأجناس الكتابية، حينَ كتبَ الرّحلة شعرًا أوّل مرة في “دفتر العابر”، قبل أن يتحوّل إلى السرد في “مدائن معلّقة”، بل إنّه جازف بتجنيس هذا النّصّ الرّحليِّ كتدوينات، مُقترِحًا التدوينة جنسًا أدبيًّا جديدًا قائم الذات؛ وحتى حين كتبَ الرّواية أكّد أنه انتقل إليها من القصة القصيرة لا من الشعر، مُتّكِئًا على الشّخصية لتحقيق هذا الانتقال.

كما يُعَدّ ياسين عدنان من أكثر الأدباء المغاربة انفتاحًا على باقي الأجناس الفنية؛ حيث اشتغل فنّانون تشكيليون وموسيقيون ومسرحيون مغاربة وعرب وأجانب على عدد من أعماله الشعرية والسردية (مسرحية “العابر” عن ديوان “دفتر العابر”، مسرحية “كفر ناعوم” عن ديوان “رصيف القيامة”، مسرحية AltroveAssoluto عن قصيدته “الطريق إلى عام 2000″، مسرحية “المدينة لي” عن مختارات من شعره، مسرحية “النمس” عن روايته هوت ماروك، عرض كوريغرافي لفرقة Company E التابعة لمعهد واشنطن للرقص انطلاقا من “دفتر العابر”…)، وهو ما يفتح الباب لمقاربة هذه التجربة من منظور إواليات الدراسات البينية وآليات التحويل الجمالي.

هذا دون أن نسهُوَ عن حرصه الشديد على توطين المكان في نصوصه، وتوطين نصوصه في الأمكنة، بدءا بمراكش مدينته، وانتهاء بالمدن التي كتب عنها في أعماله الرّحلية؛ فيما هناك من قرأ بعض أعماله الأدبية لا باعتبارها توثيقا للأمكنة في زماننا، بل صوْغًا أدبيًّا لتاريخنا الرّاهن. هذه الأبعاد كلها في تعدُّدها أوّلًا، وتداخُلها ثانيًا، تغري الباحثين بمقاربة هذه التجربة برؤيةٍ تأخذ بعين الاعتبار منطق التّداخل والتعدّد وتجاوُرَ الأشكال والأجناس الذي تعتمده، تسعى إليه، وتغتني به.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الهضبة عمرو دياب يظهر بذيل في حفل البحرين..التفاصيل الكاملة
التالى «تربط التعليم بسوق العمل».. معلومات لا تعرفها عن الجامعات الأهلية الجديدة