فجّرت السيول الجارفة التي شهدها إقليم أزيلال نهاية الأسبوع الماضي موجة استياء عارمة في صفوف السكان، إثر تدمير العديد من الطرق والمسالك القروية وقطع التواصل عن مناطق نائية، مما أثار من جديد تساؤلات حول جودة البنية التحتية والمنشآت المنجزة في السنوات الأخيرة.
مداشر معزولة
في جماعة بني عياط، عاشت الساكنة ليلة قاسية بعد أن اجتاحت السيول المفاجئة العديد من دواويرها، مما خلف أضرارًا مادية جسيمة وأدى إلى تدمير بنية تحتية هشة أساسًا. كما تسببت الأمطار الغزيرة في انهيار أجزاء من الطرق الرئيسية، وتضرر بعض القناطر الحيوية، مما عزل مناطق عدة وأثار مخاوف جدية بشأن قدرة هذه المنشآت على تحمل التغيرات المناخية.
وفي مشاهد تكررت أكثر من مرة، جرفت مياه السيول أجزاءً واسعة من المسالك والطرق القروية، خاصة تلك التي تربط بين جماعات آيت عباس، تيلوكيت وزاوية أحنصال، إلى جانب الطريق الرابطة بين دوار اسقنبر وجماعة بني حسان بقيادة فم الجمعة، والطريق المؤدية إلى دوار مجوجگة، التابع لجماعة تيسقي بآيت عتاب. وقد أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على نطاق واسع مشاهد لطرق إسفلتية وقد دمرت، ما دفع نشطاء محليين إلى التساؤل عن معايير الجودة والمراقبة في إنجاز هذه المشاريع.
فشل في الاختبار
اللافت أن العديد من المسالك والطرقات المتضررة كانت قد رُصدت لها ميزانيات ضخمة خلال السنوات الماضية ضمن برامج متنوعة تهدف إلى محاربة الفوارق المجالية والاجتماعية، إلا أن الأمطار الأخيرة كشفت عيوبًا بنيوية وهندسية واضحة، خاصة في البنيات التحتية الحديثة. نموذج ذلك قناطر منطقة گيمي بجماعة بني حسان، من بينها قنطرة حديثة البناء لم يمضِ على إنجازها سوى بضعة أشهر، تضررت بشكل كبير، في مشهد يعكس فشل الرقابة التقنية وضعف الجودة.
كما أن قنطرة مسكاون، التي تُعد شريانًا أساسيًا يربط جماعة فم الجمعة بجماعتي بني حسان وتابية، توجد اليوم في حالة كارثية بعد التساقطات الأخيرة، ما أدى إلى قطع الطريق وعرقلة تنقل السكان وتعميق معاناتهم اليومية في الوصول إلى الخدمات الأساسية.
مطالب بالمحاسبة
وعلى خلفية هذه الأحداث، خاض العديد من سكان المناطق المتضررة وقفات احتجاجية، مطالبين بفتح تحقيق شامل وشفاف في الصفقات العمومية وتحميل المسؤولين تبعات الفشل في تنفيذ المشاريع بنجاح. كما دعت جمعيات محلية إلى تشكيل لجنة مستقلة لتقييم جودة البنيات التحتية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة في ظل ما اعتبرته “هدراً للمال العام دون أثر ملموس على الواقع المعيشي للساكنة”
وفي الوقت الذي تسابق فيه الجهات المسؤولة الزمن لإصلاح ما يمكن إصلاحه، تتصاعد المطالب بمراجعة طرق إبرام الصفقات العمومية، وتشديد الرقابة على تنفيذ المشاريع، تفاديًا لتكرار كوارث مشابهة في المستقبل. كما يطالب فاعلون محليون بتمكين الجماعات الترابية من آليات تقنية ومالية أكثر فعالية لمواكبة تحديات التغيرات المناخية التي باتت تهدد مناطق جبلية وهشة بإقليم أزيلال.
وأكدت مصادر حقوقية أن السيول الأخيرة كشفت مجددًا هشاشة البنية التحتية بالعالم القروي، وشددت على أن التنمية لا تكتمل بدون مشاريع بجودة عالية وخطط استباقية تحمي السكان، مطالبة باعتماد تصاميم هندسية تتناسب مع خصوصيات المنطقة، وتنفيذ مشاريع تنموية تُوزّع بعدالة بين المناطق، مع تفعيل آليات صارمة للمحاسبة لوقف أي تقصير أو فساد.