الاحد 06 ابريل 2025 | 06:08 مساءً

مخاوف عالمية من "اثنين أسود" جديد يعصف بالأسواق الأميركية
تشهد الأسواق الأميركية توتراً غير مسبوق مع بداية الأسبوع، حيث يتصاعد القلق بين المحللين والمستثمرين من احتمالية حدوث "اثنين أسود" جديد يعيد إلى الأذهان ما جرى في 1987 و1929، في ظل تدهور مؤشرات الأسهم وهلع المستثمرين عقب موجات بيع كثيفة شهدتها الأسواق في نهاية الأسبوع الماضي.
في يوم الخميس، انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 4.8%، وهو أكبر تراجع في يوم واحد منذ أزمة جائحة "كوفيد - 19"، فيما فقد المؤشر نحو 6% إضافية يوم الجمعة، ما أدى إلى خسائر تجاوزت 6.6 تريليون دولار خلال 48 ساعة فقط. مؤشر "ناسداك" لم يكن أفضل حالاً، حيث أنهى الأسبوع على تراجع بلغ 6%.
الرسوم الجمركية تُشعل المخاوف... هل يدخل الاقتصاد الأميركي مرحلة الكساد؟
سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية أصبحت محور الجدل الرئيسي، مع تصاعد التحذيرات من ركود اقتصادي وشيك. فقد فرض ترامب رسوماً جمركية بنسبة 10% على واردات الولايات المتحدة من 180 دولة، ورفع النسبة بشكل أكبر على ستة من أكبر الشركاء التجاريين، أبرزهم الصين بنسبة 54%، وفيتنام بنسبة 46%، والاتحاد الأوروبي بنسبة 20%. ومن المقرر أن تدخل هذه القرارات حيز التنفيذ يوم الأربعاء 9 أبريل، وسط قلق واسع من تأثيراتها الكارثية المحتملة.
تصف التقارير الاقتصادية هذه الإجراءات بأنها تمثل أكبر زيادة ضريبية تشهدها الولايات المتحدة منذ عام 1968، بحسب بنك "جي بي مورجان"، ما يعزز المخاوف من دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة "ركود تضخمي" حيث يتباطأ النمو في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار.
حرب تجارية تلوح في الأفق
لم تتأخر الصين في الرد، حيث فرضت تعريفات جمركية بنسبة 34% على المنتجات الأميركية، وسط توقعات بأن تحذو دول مثل كندا والاتحاد الأوروبي حذوها. وتفيد التقارير بأن الاتحاد الأوروبي يخطط لتدابير انتقامية تستهدف واردات أميركية بقيمة 28 مليار دولار، في تصعيد قد يحوّل الخلاف التجاري إلى حرب اقتصادية عالمية شاملة، تهدد بركود اقتصادي واسع النطاق.
هل يعيد الاقتصاد العالمي سيناريو 1929 و1987؟
الاضطرابات الحالية أعادت إلى الأذهان أحداث الاثنين الأسود في أكتوبر 1987، عندما هبط مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 22% في يوم واحد، وما تلا ذلك من خسائر عالمية فادحة. كما استرجع المحللون سيناريو 1929، حين فقدت "وول ستريت" أكثر من 50% من قيمتها خلال ثلاثة أسابيع، وهو ما أطلق شرارة الكساد الكبير الذي اجتاح العالم لعقد من الزمن.
الخبراء يخشون الآن من تكرار تلك المآسي، خصوصاً مع غياب رؤية اقتصادية واضحة من الإدارة الأميركية الحالية. فالتذبذب في التصريحات الرسمية — بين التمسك بالرسوم الجمركية وتلميحات بالمفاوضات كما في حالة فيتنام — يزيد من حالة الغموض، ويثبط قرارات المستثمرين حول العالم.
" title="Jim Cramer goes over next week's market game plan" frameborder="0">
الركود بات أقرب من أي وقت مضى
رفع بروس كاسمان، كبير الاقتصاديين في بنك "جي بي مورجان"، احتمالية حدوث ركود عالمي إلى 60%، مشيراً إلى أن الناتج المحلي الأميركي مرشح للانكماش بنسبة 0.3% خلال العام الجاري، مقابل توقع سابق بنمو 2%. وفي مذكرة حملت عنوان "ستكون هناك دماء"، حذر كاسمان من أن السوق العالمية تقترب من حافة الانهيار.
من جهته، قال بريستون كالدويل من شركة "مورنينج ستار" إن احتمالات الركود تتراوح بين 40% و50%، محذراً من أن التعريفات الجديدة ستقلّص من معدل النمو وتؤثر سلباً على مستويات المعيشة للمواطنين الأميركيين.
بصيص أمل مشروط بالمفاوضات... ولكن ترامب يلوّح بالتصعيد
رغم المؤشرات المقلقة، يرى بعض المحللين أن الوضع قد لا يخرج عن السيطرة إذا تم التوصل إلى تسويات تجارية. مايك ويلسون، كبير استراتيجيي الأسهم في "مورجان ستانلي"، صرّح بأن عودة الدول لطاولة المفاوضات وتخفيف الرسوم قد يخفف من الضغط على الأسواق.
إلا أن تصريحات الرئيس ترامب تناقض هذا التفاؤل، إذ قال مؤخراً إن سياساته لن تتغير، ما فسره مراقبون على أنه رفض مباشر للمفاوضات. غير أن الأسواق التقطت إشارة مختلفة يوم الجمعة، حين قال ترامب إن فيتنام أبدت استعدادها لإلغاء الرسوم مقابل اتفاق تجاري، ما أنعش بعض الآمال ورفع أسهم شركات مثل "نايكي" التي تعتمد على الاستيراد من فيتنام.
أزمة ثقة تضرب الأسواق
الاضطراب السياسي والاقتصادي المستمر خلق بيئة من عدم اليقين دفعت المستثمرين للتخوف من المستقبل. الشركات تتردد في ضخ استثمارات جديدة، والمستهلكون باتوا أكثر حذراً، والمحللون يترقبون خطوات الأيام المقبلة بقلق بالغ.
في ظل هذه المؤشرات المتضاربة، تبقى الأسواق في حالة ترقب شديد وتتسأل: هل يتكرر سيناريو الكساد؟ أم تشهد الأيام المقبلة انفراجه تقود إلى استقرار اقتصادي عالمي؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.