في جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الاعتداءات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بأشد العبارات، قصف المستشفى المعمداني في مدينة غزة، معتبرة أن هذه الجريمة ما كانت لتحدث لولا تواطؤ المجتمع الدولي وتقاعسه الصارخ عن حماية المدنيين الفلسطينيين وفرض المحاسبة على مجرمي الحرب.
استهداف ممنهج للقطاع الصحي الفلسطيني
وأشارت الوزارة في بيان رسمي صدر اليوم الأحد، إلى أن القصف الوحشي الذي شنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) أدى إلى تدميره بالكامل، وإخراجه عن الخدمة بشكل تام، في مشهد مأساوي تخلله تشريد المرضى والجرحى الذين أُلقوا في الشوارع دون أدنى رعاية صحية، وهو ما يمثل، حسب الوزارة، انتهاكًا صارخًا لكل المواثيق والمعاهدات الدولية.
وأوضحت الخارجية أن هذا الاعتداء ليس الأول من نوعه، بل يأتي ضمن سلسلة طويلة من الاستهداف المتعمد للبنية التحتية الصحية في قطاع غزة، حيث سبق للاحتلال أن دمر عمدًا 34 مستشفى وأخرجها عن الخدمة بشكل كلي، فضلًا عن مواصلته سياسة التجويع والتعطيش وحرمان السكان من الدواء والمستلزمات الطبية الأساسية، في مشهد يعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة لإبادة الفلسطينيين جماعيًا.

أبشع مظاهر الإبادة الجماعية
ووصفت الوزارة استهداف المستشفيات والطواقم الطبية بأنه يمثل أبشع صور الإبادة الجماعية، ويعبر عن استهتار فج بالقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان.
كما أكدت أن هذه الجرائم تأتي في إطار خطة إسرائيلية واضحة تهدف إلى تدمير جميع مقومات الحياة في قطاع غزة وتحويله إلى أرض غير صالحة للعيش، تمهيدًا لإجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية تحت الضغط العسكري والإرهاب النفسي.
وطالبت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي، وبخاصة مجلس الأمن الدولي، بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والعمل الفوري على وقف الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين، وفرض هدنة إنسانية شاملة، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية بشكل منتظم ودائم، إلى جانب بدء عمليات الإغاثة والإعمار الفوريين.
مشاهد مروعة وتهجير قسري للمرضى
وفي تفاصيل الحادث، أكد مسعفون فلسطينيون أن قصفًا إسرائيليًا استهدف صباح اليوم مبنى داخل مستشفى الأهلي العربي، حيث سقط صاروخان على قسم الطوارئ والاستقبال، ما أدى إلى تدميره بالكامل، إضافة إلى أضرار جسيمة لحقت بمبانٍ أخرى داخل المستشفى.
وأفاد شهود عيان أن طواقم الإسعاف أخلت المرضى والجرحى من المستشفى على وجه السرعة، فيما انتشرت مشاهد مروعة لعائلات نازحة تغادر المستشفى، وتقوم بجر ذويها المرضى على أسرة معدنية بدائية وسط الشوارع، في مشهد يختزل حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة منذ اندلاع العدوان.
وأوضحت مصادر طبية أن أحد المواطنين تلقى اتصالًا هاتفيًا من جهة إسرائيلية قبل وقت قصير من القصف، يطلب فيه إخلاء المبنى، وهو ما يعكس تعمد الاحتلال تدمير المنشآت المدنية حتى مع سابق الإنذار، ما لا يقلل من بشاعة الجريمة بل يفضح نية الإبادة والترويع التي تعتمدها القوات الإسرائيلية.
تنديد دولي وتحذيرات من كارثة إنسانية شاملة
من جهتها، نددت حركة حماس بالقصف الإسرائيلي على المستشفى، واصفة إياه بـ "جريمة مروعة جديدة" تضاف إلى سجل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين، مشيرة إلى أن هذا الاستهداف يندرج ضمن خطة إسرائيلية مدروسة لتصفية ما تبقى من القطاع الصحي في غزة، وتجريد السكان من حقهم في العلاج والحياة.
وأشارت الحركة إلى أن الاحتلال سبق أن دمر عمدًا 34 مستشفى في القطاع، وهو ما يعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي ولاتفاقيات جنيف التي تضمن حماية المنشآت الطبية والطواقم الإنسانية حتى في أوقات الحرب.
المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي
وفي ختام بيانها، حملت وزارة الخارجية الفلسطينية مجلس الأمن والأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن استمرار العدوان على غزة، مشددة على أن الصمت الدولي هو شراكة في الجريمة، وأن الاستهتار الإسرائيلي بحياة الفلسطينيين لا يمكن فصله عن غياب المحاسبة والضغط الدولي الحقيقي.
ودعت الوزارة جميع الدول والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى التحرك العاجل من أجل وقف هذه الجرائم، وإرسال فرق تحقيق دولية لتوثيق جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن غزة ليست وحدها، وأن العدالة لن تتحقق إلا بمحاسبة الاحتلال على جرائمه البشعة.