باريس تحسم موقفها: الصحراء مغربية ولا نقاش بعد اليوم وفي التفاصيل، في موقف غير مسبوق وذي دلالات استراتيجية عميقة، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، بشكل صريح ورسمي، أن “مغربية الصحراء لم تعد محل نقاش”، في تحول جوهري عن سياسة باريس التقليدية التي طالما اتسمت بالحياد الحذر تجاه النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.
وجاء هذا الإعلان في بيان رسمي صادر عن الخارجية الفرنسية، أكدت فيه أن “مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 تُعد الحل الجاد والموثوق الوحيد لتسوية النزاع”، ما يمثل خطوة مفصلية قد تعيد رسم ملامح الموقف الأوروبي برمّته من هذا الملف الذي طال أمده.
قطيعة مع الماضي واعتراف ضمني بالسيادة المغربية
هذا الموقف الفرنسي الجديد يُجسد تحولاً جذريًا في الخطاب السياسي والدبلوماسي لباريس، التي لطالما تبنت مقاربة متوازنة بين الأطراف، دون الخروج عن إطار دعم مساعي الأمم المتحدة.
ولكن التصريح الأخير يُعتبر اعترافًا ضمنيًا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وينسجم بشكل واضح مع المواقف التي اتخذتها قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة، إسبانيا، وألمانيا، والتي عبرت جميعها عن دعمها الصريح للمقترح المغربي.
دعم قوي للمغرب داخل المحافل الدولية
ويرى مراقبون أن لهذا التحول الفرنسي تأثيراً مباشراً على توجهات الاتحاد الأوروبي، حيث تُعد فرنسا فاعلاً أساسياً في تشكيل مواقف دوله، خصوصًا فيما يتعلق بالسياسات الخارجية.
كما أن هذا الموقف يُنتظر أن يُترجم إلى دعم أقوى للمغرب داخل مجلس الأمن الدولي، الذي يناقش بانتظام تطورات هذا النزاع، وتُعتبر فرنسا أحد أعضائه الدائمين والداعمين التقليديين للمملكة المغربية.
تحولات دبلوماسية تُعيد ترتيب الأوراق في المنطقة
الموقف الفرنسي يأتي في سياق تغيرات جذرية تعرفها التوازنات الإقليمية، بعد الاعتراف الأمريكي الرسمي بمغربية الصحراء في ديسمبر 2020، وانضمام عدد من الدول الأوروبية الكبرى إلى ذات الطرح، بالإضافة إلى افتتاح أكثر من 28 قنصلية أجنبية في مدينتي العيون والداخلة، في تأكيد عملي للسيادة المغربية.
في المقابل، تعيش الجزائر، الداعم الرئيسي للطرح الانفصالي، حالة من الارتباك الدبلوماسي، حيث عبّرت وسائل إعلام مقربة من النظام عن استيائها من التحول الفرنسي، واعتبرته “انحيازاً يُخلّ بتوازن المنطقة”.
ترحيب مغربي ورسائل إلى الأمم المتحدة
الموقف الفرنسي الجديد لاقى ترحيباً واسعاً في الأوساط الرسمية والشعبية المغربية، حيث اعتُبر نتيجة مباشرة للتحركات الدبلوماسية المكثفة التي قادها الملك محمد السادس، في سياق نهج استباقي لتعزيز الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء.
كما يعزز هذا التحول مسار التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، ويُعطي دفعة قوية لمبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الحل الواقعي الوحيد القادر على ضمان الاستقرار والتنمية في المنطقة.
نحو نهاية وشيكة للنزاع؟
مع هذا الزخم الدولي المتزايد الداعم للمغرب، يُرجّح أن يشهد ملف الصحراء تطورات متسارعة في المستقبل القريب، تُمهّد لتسوية نهائية للنزاع، بعد عقود من الجمود والاصطفافات المتباينة. وفي ظل التحولات الجيوسياسية الإقليمية، يبدو أن المغرب يقترب أكثر من أي وقت مضى من تثبيت سيادته الكاملة على صحرائه بدعم دولي متزايد.