تعد الرمال البيضاء، أو رمال السيليكا، واحدة من أهم الثروات الطبيعية في مصر، حيث تمثل موردا استراتيجيا يدعم الصناعات المتقدمة ويعزز مكانة البلاد اقتصاديا.
وبفضل نقائها العالي ووفرتها الهائلة، تشكل هذه الرمال ركيزة للصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض احتياطيات الرمال البيضاء في مصر، الاستثمارات في هذا المجال، وجهود الدولة لاستغلال هذا الكنز.
احتياطيات هائلة وجودة عالمية
وتمتلك مصر احتياطيات ضخمة من الرمال البيضاء تقدر بنحو 20 مليار طن، مما يجعلها من بين الدول الرائدة عالميًا في هذا المورد.
وتتميز هذه الرمال بنقاء استثنائي، حيث تصل نسبة السيليكا إلى 99.79%، مع نسبة أكسيد الحديد أقل من 0.01%، مما يجعلها متفوقة على رمال وادي السيليكون الأمريكي.
وتتركز الاحتياطيات في مناطق مثل وادي قنا، أبو زنيمة وهضبة الجنة في جنوب سيناء، جبال يلق والمنشرح في شمال سيناء، ووادي الدخل جنوب غرب الزعفرانة.
ويصل سمك الطبقة الرملية في بعض هذه المناطق إلى 100 متر دون غطاء صخري، مما يسهل عمليات الاستخراج ويرفع القيمة الاقتصادية.
استخدامات متعددة تدعم الصناعات المتقدمة
وتشكل الرمال البيضاء المادة الخام الأساسية لإنتاج السيليكون، وهو مكون حيوي في صناعات الرقائق الإلكترونية، الخلايا الشمسية، الألياف الضوئية، والزجاج عالي الجودة.
كما تستخدم في تصنيع السيراميك، الكريستال، الموصلات الكهربائية، وترشيح مياه الشرب، ومع التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة، تبرز أهمية الرمال البيضاء في إنتاج الخلايا الشمسية، خاصة في ظل مشاريع مثل "تكنولوجيا الصحراء" الأوروبية التي تستغل رمال شمال إفريقيا لتوليد الكهرباء النظيفة.
ويمكن للصحراء المصرية إنتاج 2.8 مليون واط لكل متر مربع بفضل الإشعاع الشمسي العالي، مما يعزز دور مصر كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
الاستثمارات في قطاع الرمال البيضاء
وتشهد الرمال البيضاء في مصر اهتمامًا استثماريًا متزايدًا، حيث تعد مصدرًا لتحقيق عوائد اقتصادية ضخمة.
ويقدر الخبراء أن استثمار 2 مليار دولار في إنشاء مصانع لمعالجة الرمال وإنتاج السيليكون يمكن أن يحقق أرباحًا هائلة، خاصة أن سعر الطن المصنع في صناعات الرقائق الإلكترونية يصل إلى 100 ألف دولار، مقارنة بـ 40-50 دولارًا للطن الخام.
وشركات محلية ودولية بدأت في استكشاف هذا المجال، مع تركيز على إنشاء مصانع لتحويل الرمال إلى منتجات ذات قيمة مضافة، وعلى سبيل المثال، هناك مشاريع لتصنيع الخلايا الشمسية وأشباه الموصلات لتلبية الطلب المحلي والعالمي.
جهود الدولة لتعظيم الاستفادة
وتولي الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا باستغلال الرمال البيضاء كجزء من استراتيجية التنمية الاقتصادية.
ومن أبرز الخطوات إنشاء "الغرفة النظيفة" بمعهد بحوث الإلكترونيات لتطوير صناعة أشباه الموصلات، وهي خطوة تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز للصناعات التكنولوجية.
كما تعمل الدولة على جذب استثمارات أجنبية من خلال تقديم حوافز للمستثمرين، وتطوير البنية التحتية في المناطق الغنية بالرمال البيضاء، مثل سيناء والزعفرانة.
وبالإضافة إلى ذلك، تجري الحكومة دراسات لتعزيز القيمة المضافة لهذا المورد من خلال إنشاء مناطق صناعية متخصصة.
رؤية للمستقبل
وتمثل الرمال البيضاء في مصر كنزًا يمكن أن يدفع عجلة التنمية الاقتصادية، وبفضل الاحتياطيات الهائلة، الجودة العالمية، والجهود الحكومية المتواصلة، تستعد مصر لتصبح مركزًا عالميًا للصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة.
واستغلال هذا المورد بشكل مستدام سيخلق فرص عمل، يعزز الصادرات، ويرسخ مكانة مصر كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
