اليمن مباشر

النَّكف: سلاح القبيلة العُرفي الذي تتنازعه أطراف الحرب باليمن

كان ذهابي إلى هناك لرغبتي التعرّف مباشرة على عرفٍ يمني قبلي اسمه النَّكف أعلنته هذه القبائل في سبتمبر 2014 لصدّ تقدّم الحوثيين عبر أراضيهم. ففي هذا العرف، يُدعى أفراد القبيلة الواحدة أو القبائل المتحالفة للاحتشاد في مكان متفق عليه استجابة لنصرة مظلوم من أفراد القبيلة أو لاجئ إليها من خارجها أو على خلفية قضايا الشرف والعار والتهديد بالغزو أو التعرّض للاعتداء من قوة أخرى. وما إن دعت قبائل مأرب إلى النَّكف حتى توسع وضمّ عدداً من القبائل الأخرى.

لم يكن إحياء النَّكف مؤخراً بعد اختفائه من الحياة السياسية اليمنية لفترة طويلة هو الأول في الحرب الحالية التي تشهدها اليمن. فمع توسع رقعة الصراع لجأ عدد من أطرافه من الحوثيين والقوات المتحالفة مع الحكومة لاستخدام النَّكف ضد بعضهم أكثر من مرة وفي مناطق مختلفة لا سيما تلك التي يسيطر عليها الحوثيون. ولم يقتصر توظيف النَّكف على أطراف الحرب، بل فُعّل أكثر من مرة في قضايا اجتماعية مختلفة ما يشير إلى تدهوّر مؤسسات الدولة واضطرار الناس لتفعيل أعراف القبيلة لحل مشاكلهم.

ينظّم النًّكف وغيره من الأعراف القبلية في اليمن الحقوق والواجبات والعقوبات بين أفراد القبيلة وعلاقتها مع القبائل والمكونات الأخرى ويحدّد طريقة التعامل مع الخلافات والنزاعات في أوقات السلم والحرب. وداخل كل قبيلة توجد شخصيات تتلقّب بلقب “مراغة مرجعية” تتولى الجانب التشريعي والقضائي للعُرف القبلي. يقول المراغة المرجعية محمد بن علي صيّاد رئيس “مجلس العُرف القبلي” إن هذه الأعراف القبلية متوارثة منذ الأجداد لكافة القبائل اليمنية واتفقَ عليها وأجمع عليها مشائخ ومرايغ كافة القبائل وعمّدها العلماء وحكام البلاد سنة 1837 الموافق 1253 هجرية. تتألف الأعراف المرجعية من 222 قاعدة مُصاغة متوناً تلتزم بالوزن الشعري دون القافية.

من هذه الأعراف تمنح القاعدة رقم 193 الغُرباءَ الذين يفدون أو يعملون في حِمى “أرض” القبيلة حصانة الحماية ومن يعتدي عليهم يرتكب “عيبا أحمر”. والمقصود بذلك جرائم العرض والمال والدم وعقوبتها حكم “المحدّش” وهو تغلّيظ العقوبة أحد عشر مرة عن العقوبة الأساسية. والمشمولين بالحماية سبعة كما في نص المادة:

حكيم العلة الباذل

ومن في عهد مولى الأمر

ومثل الطايفي في الطوف

نظامي أو فقيه اللوح

ولا بوقه على ذِمّي

ولا متقصّد الحِرفة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى